من تداعيات فيروس كورونا.. مدخنون أقلعوا عن التدخين وآخرون أنقصوا منه

من تداعيات فيروس كورونا.. مدخنون أقلعوا عن التدخين وآخرون أنقصوا منه

  * مختصون يؤكدون على ضرورة الإقلاع وتجار يسجلون تراجع في المبيعات

ساهم الإنتشار الكبير لفيروس كورونا والأزمة الوبائية التي تعيشها البلاد في إقلاع بعض المدخنين عن التدخين نهائيا، تخوّفا من عدم قدرة الرئتين على مجابهة الفيروس، فيما اكتفى البعض بتقليص حجم استهلاك السجائر.

حذر المختصون في الأمراض الصدرية من استهلاك التبغ خاصة وأن هناك نسبة كبيرة من المدخنين يعانون من انسداد رئوي دون علمهم، ما يزيد من صعوبة مواجهة الجسم الكوفيد في حالة الإصابة به، حتى وإن كانت الإصابة بنسب ضئيلة، وهو ما جعل الكثير ممن أصيبوا بالوباء يتوقفون نهائيا عن التدخين بعد أن لاحظوا مدى خطورة ذلك على الصحة ولتحذيرات الأطباء من تعقد الوضع الصحي، من جهة أخرى كشف بعض التجار عن تراجع مبيعات التبغ.

 

الخوف من الكوفيد يتحدى الإدمان على التبغ

أخافت جائحة كورونا الكثير من المدخنين، لا سيما بعد تسجيل حالات خطيرة في أوساطهم، حسب ما أوضحه بعض من تحدثنا إليهم، وذلك بعد تداول عبر صفحات تعنى بالإرشادات والتوجيهات الطبية فحوى بحوث أجريت على مستوى دولي تفيد بأن المدخنين يتعرضون أكثر من غيرهم لخطر تعقد وضعهم الصحي واحتمال الوفاة في حالة الإصابة بعدوى كورونا، وهناك من الأطباء من جزموا بأن التدخين يضعف الوظيفة الرئوية، ويرفع خطر الإصابة بالعديد من حالات عدوى الجهاز التنفسي، مما يزيد من صعوبة تصدي الجسم لفيروس كوفيد 19 المسبب لالتهاب رئوي حاد، وغيره من الأمراض التنفسية، إذ توصي منظمة الصحة العالمية بالإقلاع عن التدخين، كي تؤدي الرئتان والقلب وظيفتيهما على نحو أفضل، وتؤكد بأن نتيجة ذلك تظهر بعد 12 ساعة، بحيث يعود أحادي أكسيد الكربون في مجرى الدم إلى مستواه الطبيعي، كما تنخفض شدة السعال وضيق التنفس بعد شهر إلى 9 أشهر من التوقف عن التدخين.

 

أقلع عن التدخين بعد إصابته بكورونا

وقد أكد الشاب يوسف أن التزامه لمدة طويلة بالحجر المنزلي، بعد توقف عمله كسائق طاكسي، ساهم في تقليص معدل تدخينه للسجائر ليصبح يدخن سيجارة واحدة في اليوم، بعد أن كان معدله اليومي 10 سجائر على الأقل، لكنه قرر الإقلاع عنه نهائيا عند إصابته بوباء كورونا، وذلك لمدة 3 أشهر، كما نصحه الطبيب بذلك، مؤكدا له بأن رئة المدخن ومناعته أضعف، مضيفا بأن ما حفزه أكثر على ذلك مباشرته لممارسة تمارين رياضية سطر لها برنامجا خاصا خلال الحجر لملء وقت فراغه، مشيرا إلى أن التزامه بالبقاء في البيت حتم عليه ضبط نمط حياة صحي، كممارسة الرياضية واتباع حمية غذائية لإنقاص وزنه، الذي عرف زيادة لافتة.

وقال ذات المتحدث بأنه منذ عودته للعمل واستقرار الوضعية الوبائية وقتها عاد للتدخين بمعدل ضعيف جدا، لكن ومع تأزم الوضعية الوبائية وتسجيل عدد لافت من الإصابات، أصبح متخوفا من خطر انتقال العدوى إليه، ليقرر الإقلاع نهائيا، مختتما حديثه بالقول إن إصابته بالوباء في وقت سابق، تسببت في تغيّر ذوق السيجارة في فمه، وكذا الرائحة التي أصبحت عفنة بالنسبة له، ما زاد من نفوره من التدخين.

من جهته قال رابح بأنه اعتاد على تدخين علبة سجائر في اليوم، ما مقداره 20 سيجارة، غير أنه ومع بداية انتشار الوباء تحديدا منذ شهر مارس الماضي، قرر تقليص العدد إلى النصف، أي بنسبة 50 بالمئة، موضحا بأن ذلك أثر على نفسيته وأصبح شديد الانفعال، غير أن خوفه من الإصابة جعله يتحمل ذلك، لكن بعد أن أصيبت زوجته قرر الإقلاع، وأضاف المتحدث إلى أن هاجس الإصابة لا يزال يطارده ويخشى على عدم قدرة جهازه التنفسي على مجابهة الفيروس، باعتباره ضعيفا نتيجة التدخين.

وأكد الشاب مراد أنه اعتاد على تدخين علبتي سجائر في اليوم ما يعادل 40 سيجارة إذ ينفق شهريا ما قيمته 15000 دينار، غير أن إصابته بفيروس كورونا أجبرته على التوقف عن التدخين، وذلك تطبيقا لتعليمات الطبيب وكذا لتعقد وضعه الصحي، حيث ظل مدة طويلة طريح الفراش لم يقو حتى على القيام لأخذ سيجارة واحدة، غير أنه وبعد تحسن وضعه الصحي عاد إلى التدخين، بمعدل 5 إلى 7 سجائر في اليوم، ما أثرا كثيرا على صحته، بحيث عطل وتيرة شفائه، حيث لا يزال يعاني من السعال، وهو ما أرجعه طبيبه المعالج إلى السجائر، وأوضح له بأن وضعه لا يختلف عن وضع المصابين بالأمراض المزمنة وكبار السن.

تخفيض التدخين يعني تراجع المبيعات.

أكد أحد التجار الذين تحدثنا إليهم عن التراجع اللافت في اقتناء السجائر، فنسبة كبيرة من الزبائن الذين كانوا يقتنون علبة أو اثنتين صباحا، بعد انتشار الوباء لاحظ بأنهم أصبحوا يكتفون بشراء ما بين سيجارتين إلى 7 سجائر في اليوم، لأسباب لم يحصرها المتحدث في الخوف من الإصابة وعدم القدرة على مقاومة الوباء فقط، وإنما لتضرر نشاطهم المهني بالأزمة الوبائية، حسب ما أكدوه له، تاجر آخر قال بأنه لاحظ تراجعا لافتا في تجارة السجائر حيث هناك من كان يشتري علبة كاملة أصبح يكتفي بـ5 إلى 7 سجائر في اليوم، مضيفا بأن سعرها ارتفع بـ 10 دنانير في العلبة الواحدة.

من جهته يرى تاجر آخر بأن تجارة التبغ تأثرت كثيرا في الجائحة وتراجعت لما نسبته 60 بالمئة، في المقابل تم تسجيل زيادة في الأسعار بنحو 20 دينارا وذلك منذ نحو 3 أشهر، حيث أصبح سعر المارلبورو يقدر بـ 280 دينارا، بعد أن كان 260 دينارا، فيما تم تسجيل زيادات بـ10 دنانير في باقي الأنواع.

 

المختصون: “التدخين يصيب بالانسداد الرئوي ويخفض نسبة الأوكسجين في الدم”

أكد الأطباء بأن آفة التدخين تؤثر لا محالة على الجهاز التنفسي، موضحا أن مواجهة الشخص العادي للفيروس تختلف عن المدخن، الذي يختلف معدل التنفس لديه مقارنة بالأشخاص العاديين.

وهناك حالات عدة لأشخاص يعانون من انسداد رئوي نتيجة التدخين، غير أنهم لا يعلمون بذلك، وهناك من يرتفع معدل الخطورة لديه في حالة الإصابة بالوباء، وسيواجه معضلة صعوبة التنفس، وانخفاض نسبة الأوكسجين في الدم، مهما كانت نسبة إصابته بالوباء، وقد تدخله للإنعاش، مشيرا إلى أن نسبة الأوكسجين في الدم تنخفض أكثر لدى شخص مصاب بانسداد رئوي، فيما قد تظل النسبة مستقرة لدى شخص لا يعاني من أمراض.

وهناك عدة أعراض للإنسداد الرئوي عند المدخنين والتي لا تكون مشخصة في حالات عدة، ومنها سعال دائم واللهاث وصعوبة في التنفس عند بذل جهد عضلي، التهاب في القصبات الهوائية، ويؤكد المختصون في هذه الحالة على ضرورة زيارة الطبيب الذي سيخضع المريض لقياس التنفس لتشخيص حالته، والأمر المؤكد والذي يتفق حوله كل الأطباء هو أن عدم الإقلاع عن التدخين سيؤدي حتما للإصابة بانسداد رئوي ويصبح الجهاز التنفسي للمدخن غير قادر على مواجهة الإصابة بالعدوى.

ل.ب.