التوبة من أجلِّ أعمال القلوب وأهمها، فالله جل وعلا خلقنا لعبادته ولم يخلقنا لمعصيته، ومع ذلك فليس هناك من البشر من لا يعصي الله، لذا فقد أمرنا الله جميعا بالتوبة، قال تعالى: ” وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ” النور: 31، ومن حسن الأدب مع الله أن ندخل في الشهر الذي يعتق الله فيه الرقاب وقد تبنا إليه لعل الله أن يتوب علينا ويتقبل منا، ولعلنا أن تصيبنا نفحة من رحمة الله، فننال عفوه وعتقه لنا من النار. صحيح أن باب التوبة مفتوح أبدًا ولا يغلقه الله أمام العبد إلا أن يغرغر أو تظهر علامات الساعة الكبرى، إلا أن التوبة فيه أرجى للقبول ولمحو السيئات، فهو شهر المغفرة على أي حال، وهو كفارة للسنة التي قبله إذا اجتنبت الكبائر، فما من وقت أرجى للتوبة من رمضان.
فلنقف مع أنفسنا وقفة صادقة.. ولنضع أعمالنا أمام أعيننا.. ولننظر للعمل الذي نحب أن نلقى الله عليه فلنستكثر منه، ولننظر للعمل الذي نخشى أن نلقى الله ونحن عليه، فلنتركه الآن لله، قبل أن يختم لنا به، فنلقى الله وهو علينا ساخط، فأي شيء سينجينا وقتها من غضبة الملك جل جلاله؟ فلنسارع بالتوبة إلى الله من ذنوبنا، فالله سبحانه وتعالى يحب التوابين، قال تعالى في سورة البقرة: ” إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ” البقرة: 222، كما أن الله جل جلاله يفتح بابه أمامهم في كل وقت وحين، ففي الحديث الصحيح عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها”؛رواه مسلم والنسائي. فتبْ قبل ألا تتوب، وتدارك أمرك قبل ألا تتداركه، فإذا جاء الموت فقد أغلق الباب الذي طالما كان مفتوحًا، ورفعت الفرصة التي طالما كانت متاحة، فلم يعد هناك فرصة لقبول توبتك، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر”، رواه ابن ماجه والترمذي.