من محاسن الحياة أن يرزُقَك الله بصاحب وصديق، التفاؤل يكون مُحيَّاه، والفأل وحسن الظَّنِّ مع الأخذ بالأسباب يكون منهاجه، وقراءة المواقف الحياتية التي تمر به وبالآخرين بإيجابية وبُعْدِ نظرٍ تكون علامة بارَّة بينه وبين الآخرين، وإن تحدث ذلك الصاحب والصديق معك أو مع الآخرين، تراقصت كلماته أملًا وحيوية وإيجابية؛ فهذا من الرزق الحسن. وهذان شاهدان من السيرة على ذلك، إن كان ذلك الصاحب ذكرًا أو أنثى:
الشاهد الأول: النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصِّدِّيق رضي الله عنه في غار ثور: قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم في حادثة الهجرة، وهما متخفِّيان في الغار، والباحثون عنهما من كفار مكة بجوارهم، بل أقرب من ذلك؛ قال الصِّدِّيق: نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار، فقلت: يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر إلى قدميه، أبصرنا تحت قدميه؛ فقال صلى الله عليه وسلم “يا أبا بكر، ما ظنُّك باثنين الله ثالثهما؟” متفق عليه. أنْعِمْ وأكْرِمْ بذلك الصاحب والصديق.
الشاهد الثاني: الصاحبة والصِّدِّيقة خديجة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم في حادثة أول لقاء للنبي صلى الله عليه وسلم مع جبريل عليه السلام في غار حراء: تنزَّل القرآن، فرجع صلى الله عليه وسلم خائفًا مرتعدًا، وهو يقول “زمِّلوني زملوني” وهنا يتضح جليًّا دور المرأة الْمُحِبَّة لزوجها، والواعية باحتياجاته النفسية والعضوية، والمقدِّرة له، والمعتزة به وبما يقوم به من أدوار نبيلة في بيته ومجتمعه؛ فالنساء هُنَّ شقائق الرجال، ولذا كان لخديجة رضي الله عنها هنا موقفٌ سجَّله التاريخ، ودور عظيم لا يقوم به سواها، أو من على مائدتها تربَّى رضي الله عنها؛ ولذا سُمِّيَ العام الذي ماتت فيه خديجة، ومات فيه عمه أبو طالب، عامَ الحُزن؛ لأنه فَقَدَ فيه صلى الله عليه وسلم الحِضنَ الحاني، والعمَّ الحاميَ. نعم، فمن الرزق الحسن أن تجد الصاحب أو الصاحبة الذي يساعدك على تخطي الصعاب، ويفتح لك بارقة الأمل؛ لتمتصَّ المواقف الصعبة في الحياة، فلا تلتفت إلى ترجيف أو تخويف المتربصين بك الدوائرَ؛ فتمضي في الحياة بخطًى ثابتة، ورأي رشيد، وقول سديد، رزقنا الله وإياكم ذلك الصاحب والصديق.
من موقع إسلام أون لاين