من الاستعداد للنحر إلى وسيلة للتباهي والفخر… منازلات ومعارك أبطالها ” كباش العيد “

elmaouid

يعرف عدد من الأحياء الشعبية عديد الظواهر التي توحي وتبشر بحلول عيد الأضحى، خاصة تلك المتعلقة بالكباش، ومؤونتها، سواء كان ذلك في نقاط البيع المنتشرة في كل مكان، أو في الطرق والشوارع التي يندر

أن تمر في أحدها دون أن تشاهد كبشا مع اختلاف الحجم الذي يعود للقدرة الشرائية للأسرة .

 

وقد أكد العديد من المواطنين أن التحضيرات لاستقبال عيد الأضحى تبدأ في وقت مبكر من خلال اقتناء المستلزمات وشحذ السكاكين بمختلف أحجامها، فيما تكمن الفرحة الكبرى في ابتهاج الأطفال بكبش العيد الذي يتجولون به في الشوارع في مباهاة بينهم تفوق مباهاتهم بملابس العيد التي يحرص الأولياء على اقتنائها لأولادهم في حين يركز الأبناء على الكبش .

 

التباهي بالكباش ينتقل إلى الكبار

ظل تباهي الأطفال بكبش العيد أمرا معقولا ومقبولا، لكن الملاحظ أن تلك المفاخرة انتقلت إلى الفئة الأكبر سنا، فصار المراهقون وحتى الراشدون ” سنا ” يتجولون برفقة كبش العيد مع الحرص على أن يستوفي الكبش عدة شروط تؤهله ليس للنحر وإنما للعراك أو ما يُعرف لدى الجزائريين بـ” الدڤة “، التي صارت تقليدا سنويا يحرص الشباب الجزائري على إحيائه، في أجواء لا تمت بصلة للغرض الذي سن فيه الله تعالى إحياء عيد الأضحى المبارك .

 

من الحناء إلى الألوان الصارخة ومن الصوف إلى القصات الغريبة

 ظلت إلى وقت قريب عادة وضع الحناء على جبين الكبش والحرص على أن يكون وفير الصوف مما يضمن لربة الأسرة ” هيدورة جيدة ” من أكثر الأمور التي يحرص الجزائريون على توفرها في كبش العيد، لكن كل ذلك تراجع أمام غزو أفكار جديدة تتناسب مع الأهداف الجديدة التي يريدها الشباب من كبش العيد، خاصة الراغبين في الدخول في مبارزات ومعارك يكون كبش العيد البطل فيها، مما يستدعي أن يكون هذا البطل بطلا مخيفا يوحي بقوته ومدى قدرته على صرع منافسه.

كما يقوم الشباب بصبغ ” كبش العيد ” على حسب الفريق الذي يناصره؛ ففي العاصمة مثلا تجد من يناصر اتحاد العاصمة يتفنن بتلوين كبشه بالأسود والأحمر، أما مناصر مولودية الجزائر فيلون بالأحمر والأخضر حبا للفريق على غرار الحناء التي يتفنن معظم الجزائريين بتجميل أضاحيهم بها .

 

 

حي “ديار الكهف” بباب الوادي.. و” 2004″ ببراقي

 

عرف حي ديار الكهف بباب الوادي وحي 2004 ببراقي منذ سنوات عديدة بانتشار عادة مبارزة الكباش بين حي وآخر، فتجد الكبش يصل ثمنه ما يقارب ثمن شراء سيارة، وذلك لاختلافه عن باقي الكباش وتميزه عنها، بقصات غريبة وألوان صارخة تصلح لدورات تناطح الكباش. حيث يتم إجراء منازلات بين الكباش الضخمة التي يقول أصحابها إنها كباش المصارعة، فهذه الأخيرة تشترى بهدف المشاركة في المبارزات وليس بهدف نحرها تطبيقا للسنة النبوية .

 

أموال ضخمة وعناية يومية للظفر بكبش محارب

يقول أصحاب الكباش الكبيرة والذين يتبارزون بها أنهم ينفقون أموالا كبيرة على الكبش المحارب  ويعتنون به دائما للبقاء على حالته الصحية الجيدة والحصول على نتائج مرضية سواء في المبارزات أو الشكل الخارجي

 

المواطنون يستنكرون هذه المصارعة ويطالبون بإيقافها

استنكر المواطنون المصارعة بين الكباش، حيث اعتبروا أن هذا الفعل يشجع على العنف، ولا يعكس القيمة الحقيقية لعيد الأضحى، كما أبدوا تخوفهم على أن يسود الاعتقاد وسط أبنائهم بأن المبارزة من العادات الدينية، مطالبين الهيئات المعنية بما فيها الأجهزة الأمنية بالعمل على إيقاف مصارعة الكباش التي أصبحت تظهر مع كل عيد أضحى ومعاقبة من يحاول إفساد عيد المسلمين.

وفي  السياق نفسه أشار الموطنون أنه على هؤلاء الأشخاص الذين يقومون بتنظيم المصارعة بين الكباش توفير أموالهم واستخدامها في أعمال خيرية، أفضل لهم من أن يوظفوها في القمار والأفعال المحرمة.

 

علم النفس يؤكد :

الرغبات المكبوتة تخلّف آثار نفسية سلبية

 

أكد المختص النفسي الأستاذ سليم زرقاوي، أنه صحيح في الأعوام الأخيرة ظهرت عادة جديدة دخيلة على المجتمع الجزائري، وحسب اطلاعه على العديد من الصحف والمواقع للبحث عن خلفيات هذه العادة التي هي في الأصل أصبحت تكنى لرموز الدولة، فوجد أن هذا العام مع الثورات العربية وما خلّفتها من أثار نفسية سلبية على الأفراد والشعوب أصبح كل كبش يرمز إليه حسب رئيس دولة معينة، فهذا مبارك وآخر القذافي وغيرها من التسميات. فمن ناحية أصحاب هذه الكباش يعانون من رغبات مكبوتة كانت تمتد لسنوات، وحان الوقت لإخراجها، فصمت الشخص يأخذ منحى التفريغ النفسي بطريقة أو بأخرى. فالدورة الدموية تعمل، العقل يعمل، والضغط النفسي يزداد شيئا فشيئا.. ، ومن ناحية أخرى الأمر الذي يظهر للعيان مباشرة ويمكن لأي مشاهد لهذا الرهان ملاحظته هو حب التحدي والتفوق على غيره من المتنافسين. ويعتقد المراهن على كبش مبارك مثلا على أنه لا يسقط ومتشبث بالمبارزة إلى آخر دقيقة، وما يسمى في علم النفس وفي الأمراض النفسية جنون العظمة أو البارانويا، فيكون الفرد متأثرا بالشخصيات، الإعجاب بالنفس، الاغترار، صاحب كبرياء وعلو وتجده في أوج وارتفاع مزاجه، وهو يراهن أكثر وأكثر ولو على حساب الآخرين فهو يتجاوز حدوده الاجتماعية.

 

 

الشيخ شمس الدين

 ” تحريش الحيوانات بهدف القمار وربح المال لا يجوز”

 

في حين قال الشيخ شمس الدين بوروبي أن الأضحية يوم العيد يتقّرب بها إلى اللّه عزّ وجّل، فمن أكبر الكبائر أن يعمل إنسان مسلم على تحويل عبادة إلى معصية، فتتحول هذه العبادة إلى تحريش الحيوانات بهدف القمار وربح المال، وهذا لا يجوز، والقمار من الكبائر. فمن غير المعقول أن يقتني الإنسان أضحية لتحويلها إلى قمار إذ يصل خروف القمار إلى50 مليون. فمن المؤكد أن من يقتني هذه الخرفان يعمل على إفساد عيد المسلمين وتشويه صورته، فهذا لا تقرّه الشريعة وعلى الأجهزة الأمنية أن تتدخل، لأن هذه الظاهرة تقام في الشوارع على مرأى من الناس حيث تتشكل حشود كبيرة.

 

 

الشريعة الإسلامية تحثّ على الرفق بالحيوان

قال الإمام فؤاد قجور إن من الظواهر السيئة والعادات القبيحة ما نراه اليوم في مدننا وشوارعنا كلما اقترب عيد الأضحى المبارك من تحريش بين الكباش وجعلها تتصارع حتى الموت أحيانا، والناس يجتمعون ويستمتعون بذلك، فهذا تعذيب للحيوان حيث أن ديننا الإسلامي أمرنا بالرفق بالحيوان، فقد جاء في كتاب اللّه عز وجّل آيات كثيرة، وفي سنة نبيّه عليه أفضل الصلاة والسلام أحاديث صحيحة كلها تحث على الرفق بالحيوان والدواب، والوصية بالعناية به وعقوبة من ظلمه أو عذبه.

ومن ذلك حديث المرأة التي عذبت القطة فدخلت النار، وحديث الرجل الذي سقى الكلب فدخل الجنة. وقد جاء عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن التحريش بين البهائم ومعنى التحريش هو الإغراء وتهييج بعضها على بعض كما يفعل بين الكباش والديوك.

ووجه النهي عن ذلك هو تألم الحيوانات وإتعابها، وجرحها وربما موتها بدون فائدة بل مجرد عبث. مشيرا إلى أن حكم الشريعة الإسلامية في هذه المصارعة هو التحريم. فبالإضافة إلى الأذّية للحيوان، فهذا الفعل يعّد قمارا، حيث أنه تكون هناك أموال في هذه المصارعة والفائز هو من يأخذها، وهذا من الميسر المحرم.