ينبغي للمؤمن أن يعتنيَ بسلامة قلْبه وصحته مِنَ الأمراض؛ فإنَّ القُلُوب تمرض كما تمرض الأبدان، وهذا القلْب هو محلُّ نظر الله عزَّ وجل لعبْده، والجوارح تبعٌ لصلاح القلْب وفساده. قال تعالى ” فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا “[البقرة: 10، وقال تعالى ” أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ ” النور: 50، وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم؛ ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم”. والقلوب تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القلبُ السليم: كما قال تعالى ” يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ” الشعراء: 88-89، قال ابن القيم رحمه الله: “هو الذي سلِم من الشرك والغل، والحقد والحسد، والشح والكبر، وحب الدنيا والرياسة، وسلم من كل شهوة تعارض أمْرَه، ومن كل شبهة تعارض خبرَه، وسلم من كل إرادة تزاحم مرادَه، وسلم من كل قاطع يقطع عن الله.
القلب الميت : الذي لا حياة به، فهو لا يعرف ربَّه، ولا يعبده بأمره وما يحبه ويرضاه؛ بل هو واقف مع شهواته ولذَّاته، ولو كان فيها سخط ربِّه وغضبه، وهذا هو قلب الكافر، قال تعالى ” وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ” الأعراف: 179.
قلب له حياة وبه علة، فله مادتان تمدُّه: هذه مرة، وتمده هذه مرة أخرى، وهو لما غلبه عليه، وهو قلب المنافق وصاحب الهوى. ومِن علامات مرَض القلوب إيثار الدنيا على الآخرة، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجلُ مؤمنًا ويُمسي كافرًا، أو يمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرَض من الدنيا”. وعلاج هذه الأمراض التوبة الصادقة، والتمسُّك بكتاب الله وسنة رسوله، ففيهما الشفاء والنور؛ قال تعالى ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ” الأنفال: 24.