من عظماء أمتنا الذين طأطأ الروم رؤوسهم له ، وأحنوا هاماتهم رهبة منه ، ذلكم هو الخليفة المجاهد هارون الرشيد، قال ابن خلكان عنه في كتابه وفيات الأعيان: “كان من أنبل الخلفاء وأحشم الملوك ذا حج وجهاد وغزو وشجاعة ورأي” . هو أبو جعفر هارون بن المهدي محمد بن المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي العباسي، كان مولده بالري حين كان أبوه أميرا عليها وعلى خرا سان في سنة ثمان وأربعين ومائة وأمه أم ولد تسمى الخيزران وهى أم الهادي ، عرف بالشجاعة والقوة ، وقاد الحملات في عهد أبيه ، ولم يتجاوز العشرين. ولي الخلافة بعهد معقود له بعد الهادي من أبيهما المهدي في ليلة السبت السادس عشر من ربيع الأول سنة سبعين ومائة بعد الهادي ، وكان يكنى أبا موسى فتكنى بأبي جعفر. كان الرشيد يحب العلماء ويعظم حرمات الدين ويبغض الجدال والكلام، ولما بلغه موت عبد الله ابن المبارك حزن عليه وجلس للعزاء فعزاه الأكابر. قال أبو معاوية الضرير ما ذكرت النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي الرشيد إلا قال صلى الله على سيدي ورويت له حديثه “وددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أحيى ثم أقتل ” فبكى حتى انتحب . وقد مات الرشـيد أثناء غـزوه الروم، قال السـيوطي في تاريـخ الخـلفاء: مات الرشـيد في الغـزو بطوس من خراسان .
ودفن بها في ثالث من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة هجرية وله خمس وأربعون سنة .