وهي أول شهيدة في الإسلام، هذه الصحابية الجليلة لم تكن ذات حسبٍ، ولا نسبٍ، ولا جمال، بل كانت عبدة ضعيفة ساقَهَا الذُّل قبل انتشار الإسلام لمكة حتى تتخلّص هي وعائلتها من الاستعباد. إنّها سمية زوجة ياسر بن عمار، ووالدة عمّار بن ياسر الذي اعتنق الإسلام مُتخفّياً في دار الأرقم، ثم عاد مسروراً إلى أمّه يُبشّرها بذلك الدين العدل، ويتلو عليها: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ” سورة الحجرات،13 ، فقرّرت فوراً اعتناق الدين الذي سوف يُحرّرها من الذّل، وينشر الكرامة والعدالة. كانت من أول ستة اعتنقوا الإسلام في مكة بعد الرسول عليه السلام، هي وابنها عمّار، حيث بايعت الرسول عليه السلام فور سماعها بالدين، فقد ذاقت هي وعائلتها أقصى أنواع العذاب حتى تترك الإسلام ولكنّها لم تضعف يوماً، كان يمرّ عليه الصلاة السلام وهم يُعذّبون ويقول لهم: ” صبراً آل ياسر، صبراً آل ياسر فإنّ موعدكم الجنة”. بقيت سميّة ثابتة على موقفها حتى تحت وطأة أشد العذاب، وروي إنّه مرّة واحدة فقط انهالت دموعها، وظنّ جلّادها أنها تبكي ألماً وقهراً، لكنّها كانت تبكي على ابنها عمّار الذي كان يُعذّب أمامها، وكانت تُردّد له: ” إيّاك والكفر يا عمار” حتى استُشهدت رضي الله عنها على يد أبو جهل عندما سمعها تردد ” أَحَد، أحد ،الله أكبر” ورفضت الكفر، فطعنها في قلبها، وكانت بذلك أول من استشهد من النساء في الإسلام، ثم لحقت بها عائلتها.