يعتقد عديد من المعاصرين للحقبة الرقمية التي نعيشها اليوم أن الخوارزمي، الذي يعد من أوائل علماء الرياضيات المسلمين، واحد من نقاط الوصل الأهم التي تربط اكتشافات اليوم بأسسها الأولى التي طرحت يوماً كقاعدة متينة لتبنى عليها أفكار مبتكرة تؤسس لاختراعات جديدة. وعلى رغم ذلك فإن قلة من يعرفون مدى أهمية ما تركه للعالم أجمع هذا العالم الذي أسهمت أعماله بدور يعتقد أنه الأكبر في تطوير رياضيات عصره، ومن هنا يكفي أن نعلم أهمية الرياضيات ودورها في العلوم كافة، لكي ندرك أهمية ما أتى به هذا الرجل، فمن هو الخوارزمي؟ وكيف امتد منهجه ليسهم في تطوير علوم الحاسوب في ما بعد؟ ذكر علماء كثر الخوارزمي في كتبهم، أمثال المسعودي والبيروني وغيرهم، وبعضهم شرح مؤلفاته، وذكر ابن خلدون أن أول من كتب في علم الجبر كان عبد الله الخوارزمي ثم جاء بعده أبو كامل بن أسلم، وبدوره ذكر “القزويني” أن الخوارزمي كان أول من ترجم علم الجبر للمسلمين، وهذا يدل على مقدرته العلمية وشهرته بين المسلمين في عصره، أما إذا أردنا الحديث عن أثره خارج النطاق الإسلامي، فيكفي التدليل على أن كلمة “الخوارزمية ” algorithm، أشهر الكلمات التي ترد وتستخدم اليوم، والتي دخلت معاجم أغلب اللغات العالم، قد اشتقت من اسمه، وهي تدل على الطريقة الوضعية في حل المسائل، وتتضمن سلسلة من الخطوات المرتبة المتسلسلة التي تتبع لحل مشكلة ما أو للوصول لهدف معين. وعلى رغم ما قدمه الخوارزمي من مساهمات مهمة في الجغرافيا وعلم الفلك والهندسة وأنظمة التقويم، فإن أهم مساهماته كانت في الرياضيات، فقد اشتهر بإحداث ثورة في الجبر والحساب، إذ قام بتحسين التقنيات التي نستخدمها لحل المسائل الجبرية، وأكسبه كتابه “الجبر والمقابلة” لقب “أبو الجبر”، لما قدم فيه من تعليمات مفصلة لحل المعادلات الخطية والتربيعية، ليتكرر استخدام معادلاته عبر التاريخ وترد في جميع المؤلفات الجبرية منذ عصره إلى أوائل العصر الحديث، وبعض هذه المعادلات لا تزال ترد في كتب جبر إلى يومنا هذا.