جاء في الحديث الصحيح: “طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا”، وفي رواية أخرى: “مَن أحبَّ أن تَسُرَّه صحيفتُه، فليُكثِر فيها مِن الاستغفار”، ولم لا يا عباد الله؟ وللاستغفار ثمارٌ كثيرة، وفوائدٌ عجيبة. فمن أراد استنزالَ رحمة الله تعالى فعليه بالاستغفار؛ قال جلَّ وعلا: ” وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ” البقرة: 199، وقال تعالى: “لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ” النمل: 46، ومن أراد مغفرة ذنوبه فعليه بالاستغفار؛ قال تعالى: “وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ” النساء: 110، ومن أراد الأمن والأمان ودفع البلايا والشرور والفتن، فعليه بالاستغفار؛ قال تعالى “وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ” الأنفال: 33.
ومن أراد الرَّي والخِصبَ ونزولَ الأمطار والغيث المِدْرَار، فعليه بالاستغفار، ومن أراد نماء الأموال, وكثرة النسل وصلاح الأحوال, وبركة الأرزاق والثمار، فعليه بالاستغفار، قال تعالى: “فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا”، ومن أراد الصحة والقوة والعافية، والسلامة من الأمراض والأوبئة، فعليه بالاستغفار، قال تعالى: “وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ” هود: 52، ومن أراد الحياة الطيبة، وسعادة الدنيا والآخرة، فعليه بالاستغفار، قال تعالى: “وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ” هود: 52.
على أن الاستغفار ينبغي أن يكون بتذللٍ وانكسار، وأن يكونَ معهُ حرارةُ الندمِ والاعتذار. ويستحبُ أن يكونَ متواصِلًا بالليل والنهار، وبالأخص في أوقات الأسحار، لقول العزيزِ الغفار: “وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ” الذاريات: 18؛ حيث ينزلُ ربُنا جلَّ جلالهُ إلى سماءهِ الدنيا نزولًا يليقُ بجلاله وعظمتهِ، ويُنادي عبادهُ بذلك النداء اللطيف “من يدعوني فأستجيبَ له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفرَ له” رواه البخاري. وعلى المؤمنِ أن يحرصَ على أن يستغفرَ بالصيغ الواردةِ في القرآن والسنةِ الصحيحة، فهي أنصعُ بيانًا، وأرجحُ مِيزانًا، وأجمعُ للمعاني، وأقربُ للاستجابة.