لقد انتشر في الناس ومنذ أَزَلٍ أن يعصيَ الإنسان ربَّه سبحانه وتعالى، وهناك بعض المعاصي تؤجل عقوبتها للآخرة، لكن إن أراد الله بهذا العاصي خيرًا عجلها له في الدنيا.
فالمعاصي والسيئات منها ما يسبب تعجيل العقوبة في الدنيا قبل الآخرة؛ قال سبحانه وتعالى: ” ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ ” الروم: 41، 42، وقال الرحمن الرحيم سبحانه: ” وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ” الشورى: 30. والمصائب في الناس كثيرة جدًّا، نسأل الله السلامة؛ منها من العدو، ومنها من الصديق، ومنها من القريب، ومنها من البعيد، مصائب تتلوها مصائب، والناس لا ترى إلا المصائب، وتشكو المصائب، لكن لا تبحث عن أسباب هذه المصائب؛ ألا وهي: المعاصي والذنوب والخطايا. فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: “ما اختلج عِرْقٌ ولا عين إلا بذنب، وما يدفع الله عنه أكثر” رواه الطبراني. كما أن ظلم العباد مما تُعجَّل عقوبته في الدنيا قبل الآخرة، وعقوق الوالدين، والظلم من الظالمين للأبرياء، وقطيعة الرحم، والخيانة والكذب تعجل عقوبتها في الدنيا قبل الآخرة؛ عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من ذنب أجدر – أي: أحق – أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا، مع ما يدخر له في الآخرة – من البغي وقطيعة الرحم” رواه الترمذي. ومن العقوبات التي تعجل في الدنيا نسأل الله السلامة: النظر إلى النساء بشهوة، وملامستهن ومصافحتهن، ومكالمتهن ومكاتبتهن بالحرام ونحو ذلك، فنحن نعاني من هذه الأسباب؛ وللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة، والمُضرَّة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله:
فمنها: حرمان العلم والعلم معناه: علم الشريعة والدين وعلم الآخرة فإن العلم نور يقذفه الله في القلب، والمعصية تطفئ ذلك النور.
ومنها: حرمان الرزق؛ فالعاصي لله يمحق رزقه، وفي المسند: “إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه”.
ومنها: وحشة يجدها العبد العاصي في قلبه بينه وبين الله، لا يوازنها ولا يقارنها لذة أصلًا، ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لم تَفِ بتلك الوحشة، وهذا أمر لا يُحِسُّ به إلا من في قلبه حياة.
ومنها: تعسير أموره وتصعيبها عليه، فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقًا دونه، أو متعسرًا عليه. ومنها: أن المعاصي توهن القلب والبدن. ومنها: أن المعاصي تقصر العمر وتمحق بركته ولا بد؛ فإن البر كما يزيد في العمر، فالفجور يقصر العمر.
من موقع الالوكة الإسلامي