تمثل صحة الرجل هاجسا للكثير من الأوساط الطبية والمختصين، وقد أدى تراجع العمر الإفتراضي للرجال وارتفاع مستويات الإصابة بالسرطان بينهم وكذلك المشكلات الجنسية الشائعة إلى خلق حالة من القلق بين
المختصين في صحة الرجل دفعت إلى دعوات لإيجاد حلول دولية للمشكلات الصحية المتعلقة بالرجل.
وعلى عكس المتوقع مع التقدم العلمي والتطور الطبي، فإن الإحصاءات تشير إلى أنه في كثير من الأحوال نجد أن صحة الرجال ليست بأفضل مما كان عليه الحال قبل 30 عاما، كما أن احتمال موت الرجال في حوادث السيارات يزيد ست مرات عما كان عليه سابقا، كما أن معدل الانتحار بين الرجال يعتبر أكبر بشكل كبير عن معدله بين النساء. وفي المقابل، تمتاز حركات التوعية حول أمراض النساء بكثرتها وتنوعها حول العالم، حيث توجد العديد من المؤسسات والجمعيات الصحية محليا وإقليميا ودوليا تُعنى بشكل كبير بصحة المرأة، لكن الأمر يختلف عندما يتعلق بالرجل، فإننا نجد أن هذه الحركات والجمعيات إما منعدمة الوجود أو أن نشاطها أقل بكثير. ولهذا كان من الأهمية بمكان القيام بحملات مماثلة وإنشاء جمعيات متخصصة تعنى بصحة لرجل. وفي هذا الإطار، يفيد أحد الأطباء بأن العديد من الجمعيات العلمية قد أنشئت عالميا وهي تُعنى بصحة الرجل وتهدف إلى رفع وتعزيز درجة الوعي بهذا الشأن، وتمكين الرجال من الإحاطة بما يجب في هذا الجانب، والتحفيز كذلك على أهمية إدراك مشكلات الصحة الاستقلابية والإنجابية والجنسية مبكراً، وكذلك الكشف عن عوامل الخطورة المحيطة بالرجل بفعل الممارسات المعتادة يومياً. وتختص مثل هذه الجمعيات بالمواضيع التي تهم صحة الرجل بشكل مباشر، ومنها التهاب البروستات والكشف المبكر عن سرطان البروستات، وسلس البول عند الكبار، وأمراض الخصية والضعف الجنسي المرتبط ببعض الأمراض المزمنة الاستقلابية مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الكولسترول والدهون في الدم والتدخين. كما تعنى بالجانب النفسي عند الرجال البالغين.
أمراض شائعة
وهناك مجموعة من الأمراض لا تحدث إلا عند الرجال، وللأسف لا يتم تشخيصها في الغالب إلا في وقت متأخر لا يساعد على العلاج والشفاء التام، ومن هذه الأمراض السرطانات كسرطان البروستات والخصية، أمراض العصر كالسكري والضغط، الاضطرابات النفسية كالاكتئاب، مضاعفات التدخين، والضعف الجنسي. كما أن أمراض العصر تنتشر الآن، ومنها أمراض القلب والأوعية الدموية التي تصيب الرجل في عمر مبكر مقارنة بالمرأة، ومن ناحية أخرى فإنها تنتشر عنده بنسبة أعلى مما هي عليه عند النساء، ومثلها داء السكري وأمراض ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكولسترول في الدم.
الصحة الجنسية
الضعف الجنسي: أوضح الباحثون أن الضعف الجنسي ينتشر بين الرجال بنسبة تصل إلى 86 في المائة في مختلف مراحل العمر وخاصة بعد تعدي سن الستين، ويتسبب داء السكري في حوالي 50 بالمائة من إجمالي عدد مرضى الضعف الجنسي من خلال تأثيره على إضعاف الأعصاب والشرايين وخصوصا شرايين العضو الذكري (القضيب) في الأعمار المتقدمة. أما أمراض ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكولسترول، فتعمل من خلال تسريع عملية تصلب الشرايين وضيق قطرها الفعلي، مما يضعف ضخ الدم في أنسجة القضيب فيضعف الانتصاب. وتعتبر السمنة ثاني أهم الأسباب العضوية والأكثر انتشارا بعد السكري في حدوث الضعف الجنسي عند الرجل، ويفسر ذلك بأن تكدس الخلايا الدهنية في محيط الخصر يقوم بإتلاف وإضعاف الهرمون الذكري وخفض مستوياته بالدم مما يؤدي إلى ضعف الرغبة والانتصاب.
ويتم العلاج دوائيا بعد أن حقق نجاحات كبيرة منذ اكتشافه وتستخدم مثبطات (PDE5) التي تعمل على زيادة تدفق الدم في الأنسجة الإسفنجية للقضيب، وهي أدوية آمنة إذا ما استعملت بالطريقة الطبية الصحيحة وبمتابعة طبية مباشرة. وحديثا، وجد أن استخدام هذه الأدوية بشكل يومي، في الحالات العضوية الشديدة، يكون أفضل من استعمالها عند الحاجة مثل عقار (تادالافيل) بجرعة منخفضة 5 ملغم تؤخذ يوميا مما يعطي المريض القدرة على الممارسة في أي وقت يرغبه.
– سرطان البروستات: إن أكثر الحالات المشخصة من سرطان البروستات لا يتم اكتشافها إلا بشكل متأخر، ما يمنع محاصرة المرض والقضاء عليه في الوقت المناسب من المرحلة المبكرة. ويحدث سرطان البروستات بتكون خلايا غير طبيعية في هذه الغدة والتي توجد أسفل المثانة وتحيط بالإحليل في مكان خروجه منها. هذه الخلايا السرطانية تتضاعف كما هو الحال مع باقي أنواع الخلايا السرطانية وتكون الصعوبة في التشخيص المبكر لها خلال المرحلة الأولى من المرض. أما عن الأعراض المصاحبة لسرطان البروستات، فإنها لا تكون ظاهرة إلى أن يبدأ في الانتشار خلال فترة قد تطول وتأخذ عدة سنوات. ولهذا يسميه البعض بالقاتل الصامت. كما أن العديد من الأعراض المصاحبة لهذا المرض مثل الصعوبة في التبول، أو خروج البول بشكل متقطع، بالإضافة إلى ظهور الدم في البول أو في السائل المنوي تتشابه مع اضطرابات أخرى تصيب عادة غدة البروستات مثل التضخم الحميد أو الالتهابات البكتيرية. ويتراوح العلاج حسب مرحلة اكتشاف المرض من العلاج الهرموني إلى التدخل الجراحي.
– مشاكل واضطرابات
إن الاكتئاب عند الرجل مشكلة عالمية خصوصاً من ناحية رفض الحديث عن الأمر أو الحصول على علاج. والاكتئاب الذكوري مرض مخفي لدرجة أن أقرب المقربين من الشخص لا يعرف أنه يعاني من هذا المرض. فالرجل قد يعاني من الاكتئاب من دون حزن مما يُصَعِّبُ من عملية التشخيص. كما أن أعراض الاكتئاب عند الرجل تتنوع بين القلق، عدم الشعور بالراحة جسدياً، اضطرابات النوم، قلة النشاط وانعدام الثقة بالنفس بالإضافة إلى الغضب والتوتر الدائمين. وقد تظهر هذه الأعراض على شكل آلام جسدية كالصداع وألم العضلات وألم الظهر وحتى عسر الهضم. ولقد وُجد أن حالات الانتحار بين الرجال تزيد مقارنة بالنساء.