قال تعالى: ” وما أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ “، هذه سنة الله تعالى في الرسل جميعًا، أن يبلغوا ما بعثوا به، وعلى أقوامهم أن يطيعوا وينفذوا. والآيات الواردة في القرآن الكريم بشأن الأمر بطاعته صلى الله عليه وسلم، كثيرة جدًا، ومعظمها جاء الأمر به مقترنًا بطاعته سبحانه وتعالى.ومع ذلك جاءت الأحاديث الشريفة لتؤكد هذا المعنى وتقرره في ميدان التطبيق، حتى يكون الخضوع لأمر الله ورسوله خضوعًا تامًا في كل الأحوال، في العسر واليسر، وفي السراء والضراء. فعن أبي سعيد بن المعلى قال: كنت أصلي في المسجد، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه، فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلي فقال: ألم يقل الله: ” اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ” رواه البخاري، وفي هذا الحديث ما فيه من بيان وإيضاح لما تعنيه هذه الطاعة. وفي حجة الوداع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ممن ليس معهم هدي أن يحلوا من إحرامهم ويجعلوها عمرة.. فتلكأ بعضهم. قالت عائشة: فدخل عليَّ وهو غضبان، فقلت: من أغضبك يا رسول الله، أدخله الله النار. قال: “أَوَ ما شعرت أني أمرت الناس بأمر فإذا هو يترددون؟” رواه مسلم، كان غضبه صلى الله عليه وسلم لمجرد ترددهم، وذلك خوفًا عليهم من غضب الله عليهم لمعصيتهم رسوله. ودرس غزوة أحد درس لا ينسى. فطاعته صلى الله عليه وسلم هي أولى واجبات المسلم، ولا يكون مسلمًا بغيرها. وعن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى” قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: “من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى” رواه البخاري. وما من شك في أن الصحابة رضي الله عنهم، قد ضربوا أروع الأمثلة في الطاعة للرسول صلى الله عليه وسلم، تنفيذًا لأمر الله تعالى في الآيات الكثيرة الواردة بهذا الصدد، أولًا، وتلبية للحب الذي استقر في نفوسهم له صلى الله عليه وسلم ثانيًا، وإن المحب لمن يحب مطيع.
من كتاب منهاج المسلم للشيخ أبو بكر الجزائري