منهاج المسلم.. حسنة ماحية للذنب مرضية للرب

منهاج المسلم.. حسنة ماحية للذنب مرضية للرب

نتحدث عن أمراضنا المزمنة، ذنوبنا التي أصبحت جزءا منا، واندرجت ضمن عاداتنا التي لم نعد نقدر على التخلي عنها، لأننا حاولنا مرارا ولم نفلح في ذلك، وكلما تذكرناها أو وقعنا فيها، شعرنا بذلك الشعور المحبط الذي يستيقظ بين الفينة والأخرى، فنحس بأننا مستسلمون لقيادها، ضعفاء أمام جاذبيتها، وننظر فنرى الهوة المفزعة التي تحدثها هذه الذنوب بيننا وبين ديننا وقيمنا. قد يكون شرب الدخان واحدا من هذه الأمراض المزمنة، وقد يكون المرض شيئا أكبر من ذلك وأشد، أو قد يكون أصغر وأقل خطرا، وقد يكون ذنبا فرديا نمارسه في خلواتنا، أو سلوكا جماعيا يقحمنا فيه المجتمع إقحاما، وتفرضه علينا علائقنا الاجتماعية، ولو مثلت بالغيبة وأكل نبات القات لما أبعدت. الذنوب التي نتكلم عنها تحديدًا، والتي نحاول التعايش معها، هي ذنوب لها صفة الإدمان، بحيث أن الإقلاع عنها أمر شاق على النفس، فهي تغذي نفس الإنسان وتعطيها نصيبها من الخطأ وجرعتها من المعصية التي لا ينفك عنها بشر، بحيث تصبح مقدار ما يحتاج إليه ليرضي بشريته، وليحس بشيء من ذلك التمرد الذي يغذي غروره ودلاله على ربه ” إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ” العاديات: 6، 7. إن ضرورة الوقوع في الذنب هي أمر جبل الله عليه الثقلين من الإنس والجن، ولم يعصم منه إلا ملائكته المقربين، وأنبياءه المجتبين، إذن لا يمكن أن نتصور إنسانا بغير ذنوب، ولا يعقل هذا، بقي أن هذه الذنوب منها ما يقع فيه الإنسان مرارا، ومنها ما يقع فيه بين الفينة والأخرى، وهذه التي يقع فيها باستمرار هي التي نريد أن نطرح حلولا عملية للتعايش معها، حتى لا تؤثر على الإحساس الديني لدى الشخص، وحتى يتمكن من التملص منها شيئا فشيئا دون أن يحس باليأس والإحباط في مواجهتها. فإن أنت عجزت عن مقاومة الذنب، فلا تعجز عن إتباعه بحسنة ماحية للذنب مرضية للرب، جالبة لحسنة مثلها، فالحسنة تدعو أخواتها، كما أن السيئة تدعو أخواتها، فإن أنت استكثرت من السيئات، فاجعل كفة ميزان حسناتك أثقل، وإياك أن تأتي يوم القيامة وكفة السيئات تغلب كفة الحسنات.

 

من كتاب منهاج المسلم للشيخ أبو بكر الجزائري