يؤمن المسلم، الذي توفرت فيه آيات الإسلام وعلاماته، أي: المسلم الحق يؤمن بأن الله تعالى قد اصطفى من الناس ومعنى اصطفى: اختار واجتبى من الناس ومن بني آدم، فقد اجتبى واختار رسلاً جمع رسول، وهذا اختيار خاص، يصطفيهم اصطفاءً خاصاً من بين الناس وأوحى إليهم بشرعه الذي شرعه لعباده؛ ليمشوا في ظلاله وأنواره حتى ينتهوا إلى رضوان الله وجواره، ألا وهو الصراط المستقيم وعهد إليهم بإبلاغه فعهد الله تعالى إلى رسله بأن يبلغوا شرعه إلى الناس لقطع حجة الناس عليه يوم القيامة أي: من أجل أن لا يحتج الناس على الله يوم القيامة، ويقولون: ما عرفناك، وما عرفنا ما تحب حتى نفعله، ولا ما تكرهه حتى نتركه، فلا تعذبنا، فقطعاً لهذه الحجة يرسل الله الرسل، وينزل الكتب، قطعاً لحجة الناس عليه يوم القيامة وأرسلهم بالبينات جمع بينة، أي: بالعلامات الدالة على أنهم رسل الله وأنبيائه وبالمعجزات وهي الخوارق للعادات، كإحياء الميت وإحضار الغيب، وما إلى ذلك ابتدأهم بنبيه نوح، وختمهم بمحمد صلى الله عليه وسلم فاعلم عبد الله أن أول الرسل الذين أرسلوا يحملون الرسالات للخلق أولهم نوح عليه السلام، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم، فلم يأت بعد محمد رسول إلى اليوم منذ ألف وأربعمائة وسبعة عشرة سنة، فأول الرسل نوح عليه السلام، وآخرهم وختامهم – وهو المسك- محمد صلى الله عليه وسلم وأنهم وإن كانوا بشراً يجري عليهم الكثير من الأعراض البشرية، فيأكلون ويشربون، ويمرضون ويصحون، وينسون ويذكرون، ويموتون ويحيون ومع هذا الاتفاق مع سائر البشر فهم أكمل خلق الله تعالى على الإطلاق، وأفضلهم بلا استثناء. وأنه لا يتم إيمان عبد إلا بالإيمان بهم جميعاً، جملة وتفصيلاً فلا يبلغ العبد إيماناً سليماً صحيحاً حتى يؤمن بهم جميعاً، ولا يفرق بينهم.
من كتاب منهاج المسلم للشيخ أبو بكر الجزائري