“منقذ” الأطفال من الانحراف.. الرياضة للتعلم وبناء الشخصية

“منقذ” الأطفال من الانحراف.. الرياضة للتعلم وبناء الشخصية

استعرضت، الدكتورة خيرة مرسلاب في حديثها عن موضوع “تأثير الجمباز العقلي على النتائج الدراسية وتقوية التركيز عند الطفل”، تجربتها التي طبقتها على 70 طفلا يدرسون في الطور الخامس ابتدائي، في 26 حركة رياضية واكتشفت أن هذه الفئة “تحسّن تحصيلها الدراسي بشكل ملحوظ”.

وأكدت الأستاذة التي تشرف على مركز التنمية البشرية والاستشارات بتقصراين: “طبقت لمدة سنة حركات الجمباز العقلي على 35 تلميذا، أي نصفهم بينما لم أطبق على العدد الآخر هذه العينة الضابطة، فلاحظت تغييرا واضحا في النتائج الدراسية بعد اجراء اختبارات في مادتي النحو، الصرف والرياضيات .”

وأضافت: “قمت باختبارات قبلية وبعدية بعد تطبيقي لرياضة الجمباز العقلي وفي الأخير تحققت فرضيتي.. بعد ثبوت نجاح هذه التجربة أوجه ندائي الى الأولياء، السلطات المحلية والقائمين على الشأن الرياضي، لإدراج مادة التربية البدنية في الطور الابتدائي، حتى يستفيد كل التلاميذ من مزاياها الايجابية على العقل والجسم، خصوصا الحركات السالفة الذكر، لأنها تساعد على تقوية الدماغ بشقيه الأيمن والأيسر”. وقالت الأستاذة: “بناء على هذه التجربة يمكن لحركات الجمباز العقلي أن تعطينا حلا من حلول المشاكل التربوية.”

وعددت من جهتها الدكتورة آمال ديح في محاضرة بعنوان “تأثير الممارسة الرياضية على النتائج الرياضية”، إيجابيات مزاولة الطفل المتمدرس للحركات البدنية، تحت إشراف مؤطر متخصص .

وأشارت المتحدثة إلى أن الدراسات، “أظهرت أنه حتى وإن قلصنا من الحجم الساعي لبعض المواد الدراسية على حساب التربية البدنية والرياضية، فهذا – كما قالت- “لا يؤثر سلبا على المردود الدراسي للطفل، بل بالعكس يحسنه لأن ممارسة الطفل تسعده وتمنحه جزءا من الاكتفاء العاطفي، مما يولد لديه حالة استرخاء إيجابية من أجل التعلم “.

وأفادت الأستاذة في هذا الإطار، أن ممارسة التربية البدنية في المدرسة، بطريقة منتظمة ومستمرة تساعد الطفل على تحسين التلقين الدراسي، إذ أنها “تحسن الانتباه، التركيز وتقوي الذاكرة وأيضا تنمي سرعة معالجة المعلومة وتعزز فيه الثقة بالنفس.”

وحسب الدكتورة مرسلاب، فإنه غالبا ما يكون سلوك الأطفال الذين يقضون أوقات فراغهم في ممارسة أي نشاط بدني، سويا، كما أنهم يبتعدون عن أعمال العنف وهي وسيلة ناجعة في علاج مشكل التسرب المدرسي الذي استفحل في الجزائر بشكل كبير، لأن الرياضة تنمي لدى الأطفال والمراهقين حب المدرسة والحفاظ عليها.”

النوادي الرياضية قبلة الأولياء

سعيا من الأولياء إلى توفير كل متطلبات أطفالهم واحتياجاتهم، وسعيا لحمايتهم وتنمية حبّهم للرياضة وقدراتهم البدنية لا يبخلون أبدا على تسجيلهم في مختلف المدارس والنوادي الرياضية ودفع مبالغ باهضة كرسوم، هذه الرياضات التي تنمّي في الطفل حب الرياضة واكتساب جسم رياضي وصحي منذ الصغر، كما تعمل على حمايتهم من الانحراف واتباع أصدقاء السوء، وتعتبر الرياضات القتالية على غرار الجيدو، الكاراتي من أكثر الرياضات إقبالا من طرف الأطفال، كما تعرف الرياضات الجماعية ككرة اليد، الكرة الطائرة أيضا إقبالا كبيرا، فيما تبقى كرة القدم في الريادة.

لملء فراغهم وحمايتهم من الانحراف

خوفا على أبنائهم من اتّباع طريـــق الانحــراف والرذيلة، يتجه الكثير من الأولياء إلى تسجيل أطفالهم في المدارس الرياضية لملء أوقات فراغهم لاسيما في نهاية الأسبوع والعطل المدرسية، كما يتجه أولياء آخرون إلى هذه المدارس من أجل إفراغ أطفالهم للطاقة الإضافية وفرط الحركة عوض إفراغها في المشاغبة والشجار، وحول هذا الموضوع يقول “محمد” إن المدارس والنوادي الرياضية أصبحت منتشرة كثيرا ومن الأحسن أن يمضي الأطفال أوقات فراغهم في تعــلم رياضة من الرياضـــات عوض البقاء في المنزل وافتعال الفوضى والشجار مع الأطـــفال الآخرين وتعلم آفات اجتماعية وظواهر سلبية قد تبعدهم عن الدراسة وتدفعهم إلى طريق الانحراف، مؤكدا أن ما يعجبه هي طريقة التعليم التي يتبعها المدربون الذين يشترطون الأخلاق والنتائج الدراسية الجيدة وهذا ما يحفز الأطفال أكثر على الدراسة والتحصيل الجيد.

من جهتها، سيدة أخرى أم لبنت في الـ 13 من عمرها، قالت إن ابنتها منخرطة في فرقة لكرة اليد منذ مرحلة الابتدائي وتشارك في مختلف المسابقات بين المدارس والبلديات على المستوى الوطني، متمنية أن تصل في المستقبل للفريق الوطني وتمثيل الجزائر، ولا تنوي أبدا ثني عزيمة ابنتها لأنها لا ترى فرقا بين الذكر والأنثى في تحقيق الأحلام والطموحات.

وللدفاع عن النفس روادها

يتجه الكثير من الأولياء إلى تســـجيل أبنــائهم في مدارس تعلم الرياضات القتالية على غرار الجيدو، الملاكمة، الكاراتي وغيرها حتى يتعلموا طرق الدفاع عن النفس لاسيما مع الوضع الخطير الذي يعيشه المجتمع الجزائري من تفشي ظاهرة الاختــــطاف والتي قد تساعده بعــــض مهارات القتال في تجنبها، “فوزي” قال إن الوضع الذي أصبح يعيشه المجتمع الجزائري خطير جدا، ولهذا فإن من واجب الأولياء تعليم أطفالهم طرق الدفاع عن النفس ولا يتسنى هذا إلا بتعلم الرياضات القتالية، ولهذا فقد سجل طفليه في مدرسة لتعليم الجيدو وقال محدثنا: “هم يتعلمون الآن الجيدو من أجل الدفاع عن النفس لكنني أتمنى أن يحترفوا هذه الرياضة مستقبلا ويصبحوا أبطالا على المستوى الوطني ولمَ لا عالميا، ولن أبخل بأي شيء من أجل تحقيق أحلامهم”.

أما “سهام” فقد حدثتنا أنها سجلت ابنها في مدرسة للجيدو مثل إخوته الذين تقدموا كثيرا في هذه الرياضة، التي تعلّم الصبر والتسامح والأخلاق، كما عرجت على موضوع الدفاع عن النفس لا الاعتداء على الآخرين لاسيما مع انتشار مختلف مظاهر الانحراف والاعتداءات الكثيرة في الشوارع والاختطاف التي أرقت الأولياء وقضت مضاجعهم الـذين أصبحوا يعيشون الخوف على سلامة أطفالهم باستمرار.

كما تعرف رياضة السباحة إقبالا كبيرا من طرف الأولياء لتسجيل أبنائهم ذكورا وإناثا سواء من أجل إكساب أطفالهم المهارات لسباحة سليمة أو تسجيلهم في الفرق الرياضية من أجل المشاركة في المنافسات مع أحلام في احتراف السباحة مستقبلا ولمَ لا التحول إلى أبطال، “حفيظة” تقول إن ابنها أصبح سباحا ممتازا ولا خوف عليه عند الذهاب إلى البحر صيفا، وهي فخورة جدا به لأنه كثيرا ما يفوز في المنافسات الرياضية مسجلا أرقاما جيدة في مختلف أنواع السباحة.

 

استغلال إيجابي للعطل

لا يجد الأطفال المنخرطون في النوادي والفرق الرياضية أي مشكل خلال العطل الدراسية لأنهم كثيرو الانشغال في التدريبات والتمارين لاكتساب المهارات كل حسب الرياضة التي اختارها، وعوض التدريب نهاية الأسبوع ومساء الثلاثاء تتضاعف التدريبات ويملأون أوقات فراغهم أكثر، كما يستمتع الأطفال بالمنافسات الرياضية التي يتنقلون بها عبر الوطن، _محمد_ منخرط في فريق السباحة يقول إنه يستمتع كثيرا ويسعى إلى إثبات قدراته من أجل المشاركة في مختلف المنافسات والمسابقات، ومن جهتهن، تجد الأمهات أن هذا الأمر جيد للأطفال فعوض البقاء في المنزل، فإن الرياضة هي أفضل طريقة لإفراغ الطاقة الكبيرة بعيدا عن الدراسة والدوام اليومي.

ق. م