منظمة الصحة العالمية وجهت للجزائر إنذارا… 30 بالمائة من حوامل الجزائر يلدن بالقيصرية

elmaouid

تشهدُ الولادات القيصرية بالمستشفيات وعيادات التوليد الخاصة بالجزائر، ارتفاعا متصاعدا من سنة لأخرى، ما جعل مُنظمة الصحة العالمية تنذر الجزائر بشأن هذه الوضعية المُقلقة. والغريب أن كثيرا من الحوامل هن

من تطلبن هاته العمليات عند ولادتهن في العيادات الخاصة، هروبا من آلام المخاض وأوجاع الولادة، رغم أثارها الجانبية مُستقبلا على صحة الأم.

أكد المُختص في الصّحة العمومية، فتحي بن أشنهو أن منظمة الصحة العالمية وجهت إنذارا للجزائر، بشأن ارتفاع الولادات القيصرية خلال الـ 10 سنوات الأخيرة، والتي تعدت المعدل المحدد عالميا، وحسبه 30 بالمائة من حوامل الجزائر ولدن بالعملية القيصرية، وهو معدل مرتفع جدا.

وتأسّف المتحدث للظاهرة التي تشكل أعراضا جانبية خطيرة للأمهات، أهمها تفتق الحزام البطني، ارتفاع مخاطر الإجهاض أو ولادة الجنين ميتاً في الولادات اللاحقة، تحرك المشيمة من مكانها أو هبوطها أو انفصالها قبل الأوان، وعلى المدى الطويل، الأطفال المزدادون بعمليات قيصرية يتهددهم مرض الربو والإصابة بالسكري، حسب ما أوردته دراسة طبية صدرت مؤخرا.

 

حواملنا صرن يُقطّعن مثل الكباش

ويتهم بن أشنهو عيادات التوليد الخاصة، باللجوء المفرط والعشوائي للعمليات القيصرية كسبا للأموال، حيث يرتفع السعر إلى 10 ملايين بدل أربع في الولادة الطبيعية، وأيضا لتوليد أكبر عدد من الحوامل في فترة زمنية قصيرة، وعلق محدثنا على الظاهرة “العيادات الخاصة تقطّع الحوامل مثل الكباش”.

وللحد من هذه العمليات، يؤكد المختص، أن القابلات عليهن القيام بدورهن المناسب، وهو الوقوف على حالة المرأة الحامل ساعات قبل الولادة، لتتبع حالتها دقيقة بدقيقة، وأن تقف معها أثناء عملية الولادة.

ومن جهة أخرى، أكد رئيس مصلحة الأطفال حديثي الولادة بالمؤسسة الاستشفائية الجامعية مصطفى باشا، الدكتور جميل لبان، أن الارتفاع الذي شهدته العمليات القيصرية بمصالح الولادة بالمؤسسات الاستشفائية العمومية خلال السنوات الأخيرة، ساهم في تراجع الرضاعة الطبيعية بالمجتمع الجزائري، وهو ما جعلهم يدقون ناقوس الخطر، بسبب ابتعاد الأم عن رضيعها وحرمانه من حقه في التغذية الطبيعية، إضافة لقلة التكوين الموجه لمستخدمي الصحة والمعلومات “غير الصحيحة” التي تتلقاها الأمهات حول هذا الموضوع.

كانت الولادة القيصرية في زمن ليس ببعيد نادرة وبمثابة كابوس يطارد العديد من النساء اللواتي تكون ولادتهن عسيرة، وبذلك فإن إجراء العملية القيصرية للمرأة التي تضع مولودها لا يحدث إلا في الحالات الطارئة والعاجلة أي فقط إذا كانت هناك مضاعفات تشكل خطرا على صحة الأم و حياة الجنين، أو في حال ما إذا كان حجم الجنين لا يسمح بحدوث ولادة طبيعية، كما أن هناك حالات أخرى تستدعي توليد الأم قبل موعد الولادة، في حال ما إذا حدث معها حادث خطير استلزم على إثره إنقاذ الجنين قبل فوات الأوان، إلا أن الموازين انقلبت اليوم وأصبح اللجوء إلى العملية القصيرة في كل الظروف والأحوال بل حتى في أحسنها، وهو ما يرجعه البعض لكون هذه الطريقة تضخ الكثير من المال في جيوب الأطباء العاملين في العيادات الخاصة، وهو الأمر الذي اشتكت منه العديد من الأمهات اللواتي أجبرن على الخضوع إلى العملية القيصرية حتى وإن كن في غنى عنها خاصة منهن الأمهات الجدد اللواتي لجأن إلى أطباء التوليد في العيادات الخاصة وهي الطريقة المثالية التي يستخدمها العديد من العيادات.

 

 

أطباء يشجعون الولادة القيصرية

قالت بعض السيدات اللواتي التقيناهن في قاعة انتظار بعيادة خاصة بالجزائر العاصمة، إن العيادات الخاصة تسعى من خلال ذلك إلى الربح السريع ولو كان ذلك على حساب مرضاها وزبائنها، فالسيدة ”دليلة” واحدة من الأمهات اللواتي وضعن مواليدهن عن طريق عملية قيصرية بعدما أقنعها طبيبها المختص أن الحبل السري ملتف حول عنق ابنها، بحيث إن وضعته عن طريق ولادة طبيعية يختنق ويموت بسبب ذلك الحبل، وتفاديا لحدوث ذلك يجب أن تلد عن طريق عملية قيصرية، غير أنها عندما أجرت العملية اكتشفت أن ابنها كان في حالة طبيعية ولم يلتف على رقبته الحبل وإنما هي مجرد حيلة استخدمها الطبيب لإقناعها، في حين أكدت لنا أسماء أن أخصائي التوليد الذي كان يكشف عليها طيلة مرحلة الحمل أكد لها أن عظم الحوض يعيق ولادة الجنين بطريقة طبيعية إلا أنها عندما حملت مرة ثانية اكتشفت أن عظم حوضها طبيعي.

وما زاد من استفحال هذه الظاهرة خلال هذه السنوات أن الأمهات اللواتي يلدن لأول مرة يفضلن الوضع في العيادة الخاصة مهما بلغت التكاليف بدل التوجه إلى المستشفيات العمومية، خاصة وأن سمعة هذه الأخيرة في هذا الشأن لا تشرف لكثرة المشاكل والمتاعب التي تتلقاها النساء الحوامل أثناء التوجه إليها كالاكتظاظ الشديد وانعدام كافة شروط النظافة والمعاملة السيئة من طرف الممرضات والقابلات وغير ذلك من المتاعب، ما يدفعهن إلى اللجوء إلى العيادات الخاصة لاعتقادهن بأنها أرحم وأفضل، إلا أنهن يجدن أنفسهن وقعن فيما هو أسوأ عند إجبارهن على الولادة بطريقة قيصرية، إذ غالبا ما يتم إبلاغهن أنهن سيلدن عن طريق عملية قيصرية بعد إقناعهن أن ولادتهن ستكون صعبة وأن هناك العديد من المشاكل التي تجعل ولادتها بطريقة طبيعية معقدة قد تفقد المولود على إثرها، وهي الحجة التي تتخذها العيادات الخاصة، لا لشيء سوى لأن ثمن الولادة الطبيعية والقيصرية يختلف بكثير.

 

 

القيصرية للخائفات من الألم

توجد فئة أخرى من النساء تفضلن الولادة القيصرية بدلا من الطبيعية، وهذا ما أكدته لنا السيدة فاطمة 35 عاماً معلمة، والتي قالت أنجبت طفلي الأول بولادة طبيعيَّة، لكن بصعوبة كبيرة، وكانت تجربة لا أتمنى تكرارها أو تذكرها لدرجت قرَّرت ألا أُنجب مرَّة أخرى، لكن قدر الله أن حملت بطفلي أحمد، فخطر ببالي ما مررت به من ألم ومعاناة أثناء الولادة الطبيعيَّة السابقة، فأخبرت طبيبتي أنني أرغب بأن ألد بعمليَّة قيصريَّة ولم تمانع، وقالت إنَّه قراري، ولكن كانت الممانعة شديدة من قبل زوجي ووالدتي، فأخبرتهما أنَّ من يتألم هو أنا، وعندما اشتد الألم اتصلت بزوجي لينقلني سريعاً إلى العيادة، لكن طفلي هو من قرر كيفيَّة ولادتي فوضعت قبل أن أصل إلى العيادة وكانت ولادة مختلفة تماما” .

أما السيدة فريدة 28 عاماً، ربة منزل، فقالت:”إنَّ صحتي قبل الولادة كانت جيدة جداً، وكذلك صحة جنيني، ما يبشر بولادة طبيعيَّة كما حملي الأول، لكن في أيامي الأخيرة فاجأتني الطبيبة بأنني حامل بتوأمين، أما كيف لم يتم اكتشاف ذلك فالله وحده أعلم، فأوضحت الطبيبة أنَّه من الممكن أنَّ أُنجب بصورة طبيعيَّة وبالفعل، وبعد جهد خرج الطفل الأول، لكن كانت المشكلة في خروج الثاني، وللأسف لم تكن العيادة مهيأة لاستقبال مثل حالتي، فنقلت بسرعة إلى مستشفى حكومي، وأجريت لي عمليَّة قيصريَّة “.

وقالت السيدة نسرين تعمل في القطاع الخاص: “أنجبت طفلين بعمليَّة قيصريَّة، وكان ذلك بقراري ورغبتي باعتبار القيصريَّة أفضل بكثير من الولادة الطبيعيَّة خاصة أنني شهدت معاناة شقيقتي في إنجاب طفلتها، ولا أرغب بأن أخوض تجربتها”.