كما أنك تهيأت لاستقبال شهر رمضان بشراء الطعام والشراب، فتذكر الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام والمحتاجين فهم مثلك بحاجة إلى الطعام والشراب لاستقبال رمضان، تذكر هؤلاء، فهم في مجتمعنا يزدادون يومًا بعد يوم فقرًا، وسوءً، وشدةً، بسبب غلاء الأسعار. ليقس أحدنا على نفسه ونحن في زمن الغلاء والجشع والطمع والشح والقسوة، هناك من يعمل ليلًا ونهارًا، وربما هو موظف يستلم راتبًا ومع ذلك لا يستطيع أن يسد جميع حاجات بيته وعياله، فإذا كان هذا العمل ويستلم راتبًا لا يستطيع أن يسد جميع حاجات بيته وعياله! فماذا يصنع الفقير إذا لم يجد ما يأتي به طعامًا لعياله؟ ماذا يصنع المحتاج إذا لم يجد ما يشتري به ملابس لأطفاله؟ ماذا يفعل المسكين إذا لم يجد ما يشتري دواءً لزوجته وعياله؟.
وبعض الأغنياء يلعبون بالأموال لعبًا، فتراهم يصرفون على أعراسهم ملايين الدنانير، ويصرفون على مجالس عزائهم ملايين الدنانير، ويصرفون على بناء وترميم بيوتهم ملايين الدنانير، لكنهم لا يستطيعون أن يتصدقوا على الفقراء والمساكين بدينار واحد. يقول تعالى ” لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ” البقرة: 177.
فيا صاحب المال يا من منَّ الله عليك بالخير، يا من تذهب إلى الأسواق وتشتري من لذا وما طاب من الطعام والشراب وتملأ سيارتك وتذهب بها إلى زوجتك وأطفالك، تذكر أن هناك فقراء ومساكن لا يستطيعون شراء الطعام والشراء وإن الله تعالى سائلك عنهم يوم القيامة. تذكر قوله تعالى: عندما تحدث عن الحوار الذي دار بين أصحاب اليمين والمجرمين، فسأل أصحاب الجنة أصحاب النار ” مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ” المدثر: 42. ما الذي أدخلكم في سقر، وسقر اسم من أسماء جهنم، ما الذي جعلكم وقودا لنارها وسعيرها؟ فقال أهل النار ” قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ _ [المدثر: 43 – 47.