الهداية إلى صراط الله المستقيم هدف أسمى ينشده كل مسلم، ولأهميتها فقد شرع الله سؤالها في كل ركعة من الصلوات، فيقرأ قول الله تعالى ” اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ” الفاتحة: 6، وللهداية أسباب بيّنها الله عز وجل في كتابه الكريم، وذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته، وسأسوق بعضا منها. ومن تلك الأسباب:
– سعة الصدر وانشراحه للإسلام وتعاليمه قال تعالى ” فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا ” الأنعام: 125، وأعظم معين لشرح الصدر للإسلام هو التوحيد الذي لا يخالطه شكٌ أو شركٌ مع الله، أما الشرك فهو أعظم أسباب ضيق الصدر. وإذا كان التوحيد هو مفتاح الهداية، فإن عملَ الصالحاتِ والتقربَ إلى الله بسائر الطاعات هي أسنانُ ذلك المفتاح.
– ومن أسباب الهداية: استدامة ذكرِ الله تعالى، فذكر الله يجعل القلب مرتبط بالله، مما يجعله مطمئناً فينشرح الصدر، يقول الله جل وعلا: ” أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ” ومن ذَكَرَ الله كان ذِكْرُ الله له أعظم، قال تعالى ” فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ” البقرة: 152.
– ومن أسباب الهداية : تلاوةُ كتابِ الله، بتدبرٍ وتمعنٍ وخشوع، وهو وإن كان من أنواع الذكر إلا أنه أُفرِد لعظيم أهميته ومزيد العناية به، قال الله تعالى ” إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ” الإسراء: 9، يهدي للتي هي أقومُ في كل شيء من أمور الدين والدنيا والآخرة.
– ومن أسبابِ الهداية، التفكرُ في مخلوقاتِ الله، والنظرُ في ملكوتِ السموات والأرض، ومن تأمل في هذا الكون عاد بعد رحلة التأمل مؤمنا خاشعا خاضعا لله واهتدى بهداه ” إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ” آل عمران: 190، 191.
– ومن أسبابِ الهداية، رفقةُ الصالحين الأخيار، فكم من ضال هداه الله على أيدي جلسائه ورفقائه، فالمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل.