عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما يقول: إن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي المسلمين خيرٌ؟ قال”من سلم المسلمون من لسانه ويده” زاد البخاري”والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه”. رواه مسلم.
والمقصود أنه لا يؤذي مسلمًا بقوله، فيسلم المسلمون من غيبته ونميمته، وسبِّه وشتمه، ونحو ذلك من الآفات، ولا يؤذي المسلمين بفعله، وهذه السلامة من اليد، فيسلم المسلمون من ضربه، وأخذِه المالَ، وعدوانه بالفعل بأنواعه، وخص اللسان؛ لأنه هو المعبر عما في النفس والقلب، وخصت اليد؛ لأن أكثر الأفعال بها. ومن فوائد الحديث:
الفائدة الأولى:
حديث الباب من جوامع الكلم التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم؛ ففي الجملتين معانٍ عظيمة بألفاظ وجيزة؛ فالجملة الأولى حثٌّ على البُعد عن الاعتداء على الآخرين، وذلك بسلامة اللسان واليد، والجملة الثانية حث على البُعد عن الاعتداء على النفس وظلمها، وذلك بهجر ما نهى الله عنه.
الفائدة الثانية:
الحديث دليل على فضل إمساك اللسان واليد عن إيذاء المسلمين، سواء كان بالقول أو الفعل، وفي هذا دلالة على أنه ينبغي للمسلم أن يراقب الله تعالى في نفسه، فيتنبه للسانه ولا يطلق له العنان فيؤذي الناس، إما بغِيبة أو نميمة، أو خيانة أو شَهادة زور، أو شتم وسب، ونحو ذلك من الإيذاء، وكذا يتنبه لفعله فلا يعتدي على الآخرين.
الفائدة الثالثة:
رواية البخاري دليل على عظيم مجاهدة النفس في ترك المنهيات؛ فإن هذا هو المهاجر الذي يهجر ما نهى الله تعالى عنه، وتأمَّل لفظ الهجر تجده لفظًا قويًّا في معناه، يفيد المغادرة والمفارقة للمواطن التي ينهى الله عنها، ولا شك أنها منزلة رفيعة، وبُغية عظيمة تحتاج إلى تقوى تضبط النفس، وتلزمها ما يرضي الله تعالى.