منبر الدعاة.. أبناؤنا ورمضان

منبر الدعاة.. أبناؤنا ورمضان

من أعظم فوائد شهر رمضان المبارك أنه يُعطي البيوت طابعًا روحانيًّا؛ بسبب اجتهاد أفراد الأسرة في إقامة شعائر الله تعالى وعباداته، وتربيةُ الأبناء من أعظم العبادات التي يتقرَّب بها المرء إلى رب العزة، ولكن يجب أن تكون هذه التربية خالصة لوجه الله تعالى، وليس لمنفعة في المستقبل. فشهر رمضان فرصة عظيمة للآباء والأمهات حتى يعوِّدوا أولادهم على العبادات والطاعات التي تورثُ مَحبَّة الله في قلب الطفل منذ الصِّغَر، فإنَّه إذا رأى كرَمَ ربِّه وجزيل عطاياهُ في رمضان، زادت محبته سبحانه، والمحبة ركن في الإيمان، وهي أساس الأعمال، فيُقْبِل الطفل على العمل مُحبًّا له، متمسِّكًا به، متقِنًا لأدائه، ويجب على الأب في رمضان أن يربِّي أولاده على تدارس القرآن وتدبُّره، وهو معنى أخصُّ من مجرَّد قراءته، فيعيش الطفل بين آيات القرآن وقصصه ووعده ووعيده، فتدمع عينُه تارةً ويلينُ قلبُه تارةً أخرى، يرى الأمم الماضية حاضرةً عنده، ويعيشُ مع الأنبياء صبرهم ونصحهم وابتلاءهم، ويستنبط الأحكام ويستفيد الفوائد؛ ولذلك: “كان جبريل يُدارس النبيَّ صلى الله عليه وسلم القُرآن في رمضان كل ليلة”. رمضان يربي الأطفال على الإتباع ومُوافَقة الشرع؛ حيث لا يفطر الصائم إلا إذا أَذِن له الشرع؛ وذلك بغروب الشمس، ولا يُمسك الصَّائم إلا إذا أَذِن له الشَّرع؛ وذلك بأذانِ الفجْر، كما يَمتنِع الصائم عن المباحات امتثالاً لأمْر الشرع، فيتربَّى الطفل على تتبُّع أوامره والتقيُّد بِها، وتنفيذها على حدود ما رسَمه لنا، ويعني هذا سلامة الأفعال من البِدَع والانْحِراف؛ ففي رمضان يتعوّد الطفل على حفْظ الوقْت من الضياع، وهذا من مقاصد الشرع العظيمة، وفي رمضان يَحرِص الآباء على تعليم أبنائهم ضرورة استِغْلال وقتِه بالطَّاعات، ويحذِّر من الملهيات والمعاصي، وفي ذلك تربية له على اغتِنام عُمره بِما ينفعه عند الله، ومن الضروري جدًّا أن يعرف الطفل أن أسمى فوائد الصيام تتعلق بزرع الشُّعور داخله بأهل الفَقْر والحاجة، ومعرِفة ما يُقاسونَه من ألَم الجوع وحرِّ العَطَش، فيكون ذلك مراعاة للإنفاق والعطف عليهم والالتفات لهم.

الأستاذ احمد بن صالح