الجزائر- خرج مئات آلاف الجزائريين، في الجمعة السادسة من الحراك الشعبي في مختلف الولايات للتظاهر، رافعين شعار رحيل رموز النظام وبناء جمهورية جديدة، ورفض قرارات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتمديد العهدة الرابعة وتأجيل الانتخابات الرئاسية.
واحتشد الآلاف بساحة البريد المركزي في العاصمة في جمعة أطلق عليها اسم “جمعة الإصرار” للمشاركة في الحراك، بعد تصريحات الفريق أحمد ڤايد صالح المنادية بتفعيل المادة 102 من الدستور.
وأظهر الجزائريون إصرارهم على تغيير النظام ورفض تطبيق المادة 102 من الدستور التي تنص على شغور منصب رئيس الجمهورية واستخلافه برئيس مجلس الأمة، من خلال خروج ملايين الجزائريين في معظم الولايات.
وبعد سنوات من منعهم الدخول إليها، منح الحراك الشعبي أبواب العاصمة لمعطوبي ومتقاعدي الجيش، الذين كان حضورهم لافتا في الجزائر العاصمة، للتعبير عن احتجاجاتهم وإسماع صوتهم إلى المسؤولين.
هبّة تضامنية قبل الانطلاق
قبل انطلاق المظاهرات والمسيرات الشعبية في مختلف الولايات، أبدى المتظاهرون الكثير من السلوكيات الحضارية التي عكست أخلاقا عالية، وذلك في مختلف ربوع الوطن أكدت تأصل التضامن والتكافل بين المواطنين في كل المناسبات الشعبية.
وتطوع بعض المواطنين في العديد من شوارع العاصمة لتنظيم حركة المرور وتوجيه حركة الحشود الكبيرة والسماح للسيارات بالمرور وسطها، وتنظيف الشوارع، بينما قامت بعض العائلات العاصمية في لفتة إنسانية قبيل انطلاقة المسيرات بقليل بتقديم الطعام ووضع موائد في ساحة أول ماي لجل المتظاهرين المارين قربها، وهي الحال في مدينة بجاية حيث استيقظ بعض المتطوعين باكرا لتحضير طبق الكسكسي استعدادا لتوافد المتظاهرين على عاصمة الولاية من مختلف المناطق المجاورة.
في العاصمة يمكنك خلال التجول على طول شوارعها، ملاحظة كيف قام بعض المواطنين بوضع قارورات المياه المعدنية على حافة الطرقات كي يستطيع المتظاهرون القادمون من الضواحي إرواء عطشهم، كما لم تغب مظاهر التكافل كذلك عن باقي ولايات الوطن، التي بسطت موائد للطعام، تشارك الكثير من المتظاهرون الأكل فيها مع بعضهم البعض.
شعارات معبرة ومشاهد طريفة
ورفع المتظاهرون في المسيرات وعبر مختلف ربوع الوطن، الكثير من الشعارات الجديدة والمبتكرة ضد نظام الحكم والتي بدت أكثر حدة وتحديا للنظام الذي رفض الاستجابة للمطالب من انتفاضة الشعب يوم 22 فيفري المنصرم.
وقد اتفق المتظاهرون في جميع ربوع الوطن على شعار “سيستام ديڤاج” أي المطالبة برحيل النظام، وهو شعار برز بشكل كبيرة في مسيرة الجمعة السادسة، في حين أن مطالب المسيرات الخمس السابقة تباينت ولم تكن واضحة.
ومن بين أبرز الشعارات تلك التي تطالب بوتفليقة بالتنحي من منصبه في إشارة إلى عدم قدرته على أداء مهامه بسبب ظروفه الصحية، وشعار “بركات بركات يسقط حكم العصابات”، إضافة إلى شعار “البلاد بلادنا ونديرو راينا” هذا الأخير الذي يحمل في طياته رسائل واضحة بعدم تراجع الشعب عن مطالبه في تغيير رموز النظام المرفوع إلى غاية الاستجابة له، كما رفعت شعارات تفخر بالمسيرات الشعبية المناهضة لنظام الحكم، وجرأته وإصراره على الاستمرار في المسيرات، من بينها: “شعبنا هو الفخامة .. شعبنا هو الزعيم.. يا نظام لا تأجيل.. عجل عجل بالرحيل”، وشعار “الوطن هو القضية.. شعبنا هو الشرعية.. شعبنا هو الفخامة بالقرار والصرامة”.
ورفعت شعارات أخرى، تطالب العدالة بالانحياز لصوت الشعب، من بينها شعار “يا قضاة يا قضاة.. لا تخافوا من القضاء.. يا قضاة الحرية.. شعبكم هو الشرعية.. استجيبوا للنداء.. طهروا لنا القضاء”.
…وللفكاهة نصيب
للتنفيس عن الضغوط التي عرفها الجزائريون، عمد المتظاهرون في التعبير عن غضبهم الشديد من المسؤولين وقادة الأحزاب الحاكمة، بأسلوب فكاهي في غالب الأحيان، وذلك من خلال لافتات كتبت عليها عبارات تدعوهم للتنحي وتجسيد بعض المشاهد الطريفة، مثل محاكمة المسؤولين بالصور في العاصمة، بعيدا عن العنف والتكسير ومظاهر الشغب.
عميروش وسي الحواس يشاركون في الحراك
ورسم الجزائريون مشاهد إبداعية وسلمية في حراكهم الشعبي، الذي اندلع في 22 فيفري الماضي، عبر توجيه رسائل سياسية إلى النظام الحاكم، وبالتزامن مع المسيرة السادسة المصادفة ليوم 29 مارس، استذكر الجزائريون ذكرى استشهاد كل من عميروش آيت حمودة (العقيد عميروش)، وأحمد بن عبد الرزاق حمودة أو سي الحواس، وحمل المتظاهرون صورا للشهيدين اللذين قدما حياتهما من أجل استقلال البلاد عام 1962.
أمين.ب