الجزائر- يحل، هذا الخميس، بالجزائر، وفد عن الاتحاد الأوروبي يقوده كبير المفاوضين ورئيس لجنة التجارة، إغناسيو غارسيا بيرسيرو، للتباحث مع المسؤولين الجزائريين وعلى رأسهم الوزير الأول، أحمد أويحيى ووزير
التجارة، محمد جلاب، حول ملف تجميد استيراد حوالي ألف منتج منذ أشهر، بحسب ما كشف عنه مصدر داخل بعثة الاتحاد الأوروبي الدائمة بالجزائر.
وتسود حالة من التوتر بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، منذ سنوات، بسبب ملف الاستيراد، حيث أبدى الاتحاد الأوروبي انزعاجه الكبير من الإجراءات التي اتخذتها الجزائر فيما يتعلق بكبح الواردات، والتي أضرت بعديد الدول الأوروبية في مقدمتها فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.
وقال المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه، إن بروكسل تستبعد أن تلجأ إلى تفعيل المادة 100 من اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد، والتي تسمح بالتوجه للمحاكم التجارية الدولية، في حال الإخلال ببنود الاتفاقية، رغم توتر الأجواء بين الطرفين.
وكان الاتحاد الأوروبي قد عبر عن انزعاجه من الجزائر، حيث اشتكى من “رخص الاستيراد” التي أقرتها الدولة، بل واتهم الجزائر بمنح امتيازات للصين غير مبررة.
واعتبرت المفوضة الأوروبية للتجارة، سيسيليا مالمستروم، في 10 أفريل الحالي، أن “الجزائر لا تحترم الاتفاقيات التجارية مع الاتحاد الأوروبي، وهي بذلك تشجع المصالح الصينية”.
وقالت مالمستروم أمام أعضاء اللجنة الاقتصادية والشؤون الخارجية للمجلس الوطني الفرنسي: “أشياء كثيرة في الجزائر غير مطابقة لاتفاقاتنا في مجال حرية التبادل، منها منع الجزائر استيراد ألف منتج دون سابق إنذار”.
وتابعت في الجلسة التي امتدت لأكثر من ساعتين أن “قرارات الجزائر تساعد الصين، لا بد من إيجاد حلول أو نلجأ إلى تفعيل البنود المتعلقة بحل النزاعات”.
وجاءت هذه التصريحات حين كانت ترد على سؤال نائب عن حزب “الجمهوريين”، وكشفت أن “الاتحاد الأوروبي بصدد تبادل الرسائل مع الجزائر حول هذا الموضوع”.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يشتكي فيها الاتحاد الأوروبي من الجزائر، خاصة بعد لجوئها إلى اعتماد نظام “رخص الاستيراد” سنة 2016، وهي عبارة عن رخص إدارية اعتمدتها لكبح فاتورة الواردات التي تعدت 64 مليار دولار سنة 2014، بحسب تقارير رسمية.
ويقضي اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي الذي وقع عليه سنة 2002 ودخل حيز التطبيق سنة 2005، بإنشاء منطقة تبادل حرة بين الطرفين يتم فيها إزالة الحواجز الجمركية من خلال إعفاءات لعدد كبير من السلع.
وفي سنة 2017 طلبت الجزائر رسميا مراجعة الاتفاق، بعدما كشفت الأرقام اختلال كفتي الميزان، ما يجعلها في موقع الضحية. وبلغة الأرقام، تكبّدت الجزائر منذ دخول اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ في 2005 وحتى نهاية 2015 خسارة قدرت بأكثر من 700 مليار دينار (7 مليارات دولار)، بعدما عجزت عن تنفيذ التزاماتها في مجال التصدير للاتحاد الأوروبي والتي اقتصرت على النفط والغاز، بحسب البيانات الرسمية.
وتتمثل الخسائر التي تقدرها الجزائر من شراكتها مع أوروبا، في المبالغ التي كانت تستحقها هيئة الجمارك نظير السماح بإدخال سلع أوروبية على مدار 10 سنوات.
يذكر أن الجزائر صدرت ما قيمته 14 مليار دولار خارج النفط إلى دول الاتحاد الأوروبي في الفترة الممتدة بين سنتي 2005 و2015، في حين استوردت ما قيمته 220 مليار دولار من أوروبا في الفترة نفسها، بحسب الأرقام الصادرة عن الديوان الوطني للإحصاءات.