يتواصل مسلسل العنف والشجارات مع دخول شهر الرحمة والغفران الذي يتحول عند البعض إلى شهر للنرفزة والعنف، حيث تتسع رقعة العنف والشجارات بشكل كبير خلاله، كما نلاحظ في هذه الأيام شجارات متعددة في أماكن متفرقة والتي تطال بشكل كبير الأحياء والأسواق الشعبية وحتى الطرق، والتي تعد من أبرز الأماكن التي تشهد تناميا محسوسا للظاهرة، وغالبا ما تشب هذه الشجارات لأسباب تافهة جدا وتبدأ بمشادات وملاسنات كلامية مع تشنج في المواقف ومعظمها ينتهي بإصابات سواء بليغة أو متوسطة جراء استخدام الأسلحة البيضاء والعصي والحجارة.
وفي هذا الصدد، قامت “الموعد اليومي” بجولة استطلاعية في شوارع العاصمة لرصد آراء وانطباعات المواطنين حول تفشي هذه الظاهرة خلال هذا الشهر الفضيل.
أسباب تافهة تؤول لشجارات دامية
في خضم جولتنا الاستطلاعية التي استهدفت أغلب الأحياء والأسواق الشعبية الموجودة في العاصمة، أجمع أغلب المواطنين الذين تحدثت إليهم “الموعد اليومي” على أن جل الشجارات التي تشب في هذا الشهر الكريم تكون أسبابها تافهة جدا، حيث قال لنا سمير الذي شهد شجارا مع بداية هذا الشهر الكريم إنه كان بسبب أطفال صغار كانوا يلعبون أمام أحد المنازل، فخرج صاحب المنزل وطردهم بعصبية شديدة صاحبها سب وشتم ومن بعد ذلك حضر والد طفلين من بين أولئك الأطفال الذين كانوا يلعبون أمام المنزل ورد على سب وشتم الرجل لأولاده ومن ثم تعدى الشجار حدود الملاسنات الكلامية وأصبح تعاركا بالأيدي والأسلحة البيضاء مع تدخل عائلتي الرجلين وأصدقائهم وأصبحت مجموعة ضد الأخرى وانتهت المشاجرة بإصابة 3 أشخاص بجروح متوسطة من كلا الطرفين وتدخلت الشرطة لفك النزاع،
أما كمال فقال لنا إنه رأى شجارا تم بين شابين يبيعان في إحدى الأسواق الفوضوية وأضاف أن سبب الاختلاف كان عن مكان وضع الطاولة لعرض السلعة، كما قال لنا إن الشجار تحول بشكل سريع من التلفظ بكلام قبيح إلى تشاجر بأسلحة بيضاء وإصابة أحدهما بإصابة خطيرة نتيجة طعنه على مستوى صدره نقل على إثرها للمستشفى مباشرة.
دائرة الشجارات تمتد للبيوت
تتسع دائرة الشجارات خلال شهر رمضان المبارك وتنتشر في أماكن مختلفة من الشوارع الجزائرية، هذه الظاهرة التي لا تقتصر على الشارع الجزائري بل تمتد للبيوت أيضا وتشب فيها شجارات كبيرة وعنيفة تلزم أحيانا تدخل أطراف أخرى، حيث قال لنا سليم وهو رجل في الأربعين من عمره إنه قام بصفع زوجته مع بداية رمضان، لأنه طلب منها القيام بشيء ونسيت فأقدم على توبيخها وصفعها، لتتطور الأمور إلى تدخل أطراف أخرى تسببت في توسيع رقعة الخلاف، حسب ما قاله لنا.
أما إسحاق فقال لنا إنه شهد شجار أخوين في أحد الأحياء بالعاصمة، مضيفا أن الشجار كان عنيفا وكان سببه النقود، كما قال إن الشجار أثار هلع و صراخ النساء داخل المنزل وبكاء الأطفال، ما جعل الجيران يتدخلون لفك النزاع وقال أيضا لولا تدخلهم لقتل الأخ أخاه.
رضوان أيضا قال لنا إن أخاه مع بداية رمضان تعرض لضرب مبرح من قبل خاله لسبب تافه هو جلوسه على سيارته وأن الشجار قام وكبر مع تدخل أبيه للدفاع عن أخه وتشاجر أبوه مع خاله بالأيدي والعصي وأصبح هناك خلاف عائلي كبير نتيجة لذلك.
كذلك خالد قال لنا إن جاره أقدم على ضرب أولاده بسبب لعبهم في الشارع ورفضه لذلك وبعصبية لامتناهية أبرحهم ضربا، ولما حاولت زوجته تهدئته ضربها معهم دون سبب، كما قال لنا إن جاره يكون عصبيا كثيرا في رمضان وبدون سبب ويقوم بضرب زوجته وأولاده لأتفه الأسباب.
انخفاض القدرة الشرائية في رمضان ولّد العنف لدى البعض
خلال جولتنا الاستطلاعية التي شملت أغلب شوارع العاصمة لرصد أقوال و آراء المواطنين حول تنامي ظاهرة العنف في رمضان، قال لنا كريم الذي يعول أسرة متكونة من خمسة أطفال إن أغلب حالات الشجار تتم بسبب عجز البعض عن شراء المستلزمات الرمضانية بسبب الغلاء الفاحش والارتفاع المذهل للأسعار، مما يولد عند البعض نرفزة وغضبا يجعلهم يتشاجرون لأي سبب، كما قال إن له صديق يعاني وضعا ماليا مزريا وأن دخله المادي المحدود لا يكفيه لإعالة أولاده وزوجته وأخواته الماكثات في البيت وأمه، ما يجعله يتشاجر مع الباعة في رمضان ويغضب لأتفه الأسباب نتيجة للأعباء الثقيلة التي يحملها بين جنباته، وأضاف أنه قام مؤخرا في رمضان بفك نزاع بين صديقه هذا وبائع اللحم نتيجة نرفزة صديقه على بائع اللحم لغلاء اللحم وعجزه عن شراء كمية تكفي عائلته.
وفي نفس السياق، قال لنا مراد إنه بات يتوتر كثيرا في هذه الأيام الرمضانية بسبب تبخر راتبه الشهري نتيجة غلاء المواد الغذائية وأن توفيرها أصبح عبئا كبيرا يثقل كاهله، وأضاف أنه تشاجر مع صديقه كلاميا بسبب التوتر الذي أصبح يلازمه مع بداية رمضان نتيجة غلاء الأسعار.
الامتناع عن التدخين والقهوة يضاعف من حدة النرفزة
هناك فئة في المجتمع مدمنة على التدخين وشرب القهوة طوال السنة، فمع حلول الشهر الفضيل تمتنع عن شرب القهوة والتدخين ما يزيد من جرعة توترها وانفعالاتها، فالمعروف علميا أن هذا الانقطاع يسبب لدى هذه الفئة صداعا وذلك لفقدان الجسم للنيكوتين والكافيين اللذين كان يعتمد عليهما سابقا وهذا ما يجعلها أكثر نرفزة وعصبية عن فئات المجتمع الأخرى خلال رمضان وأكثر ميلا للشجار، ففي جولتنا الاستطلاعية التي رصدت مختلف آراء المواطنين، حيث قال لنا مصطفى وهو صاحب طاكسي إن امتناعه طوال النهار عن شرب القهوة والتدخين في رمضان ولدا له عصبية وقلقا لا حدود لهما على حد تعبيره وأنه تعارك مع رجل مع بداية رمضان لسبب بسيط جدا هو أن الشخص الذي كان يركب معه أغلق الباب عند خروجه من السيارة بقوة، فوجه له مصطفى كلاما غير لائق مع نرفزة على حد قوله ما أدى إلى حدوث شجار انتهى بتدخل بعض المارة، كما أضاف مصطفى أنه لم يدرك كيف ضخم الموضوع بهذه الصورة وأصبح شجارا، مضيفا أنه يشعر بتحسن مزاجه وبهدوء أعصابه بعد الإفطار وشرب القهوة.
كذلك الشيخ موسى الذي يبلغ من العمر 60 سنة قال لنا إنه يشرب القهوة ويدخن منذ أن كان عمره 15 سنة وأنه مع حلول رمضان والامتناع عن التدخين طوال النهار يصبح في عصبية لامتناهية تجعله يغضب لأتفه الأشياء، حيث يصعب التحدث معه نهارا، وأنه بمجرد الإفطار والتدخين يعود لحالته الطبيعية ويندم على ما فعله طوال اليوم.
الاختلال الوقتي للنوم دافع من دوافع الشجارات
من النصائح الطبية المعروفة والمشهورة هي إعطاء الجسد قسطا من الراحة لبناء نفسه وذلك بالخلود للنوم وفق ساعات معينة ليلا يجب المحافظة عليها وعدم التقليل منها. وحسب المختصين، فإن الاختلال في النوم يسبب اضطرابات نفسية وعصبية مع تعب جسدي والمعروف في شهر رمضان هي كثرة السهرات خصوصا لدى البعض الذين يعشقون السهر ولا ينامون حتى ساعات الصباح الأولى مما ينتج عن ذلك توتر ونرفزة تؤدي بالبعض للشجار، حيث قال لنا إلياس إنه لا يفوت أي فرصة سهر مع أصدقائه منذ بداية رمضان والتي تستمر إلى آذان الفجر، كما قال لنا إنه اختلطت عليه ساعات النوم وليس لديه وقت منظم للخلود للراحة وأنه يذهب لعمله في الصباح، مضيفا أنه أصبح يتوتر كثيرا وقال لنا إنه تشاجر مع جاره كلاميا لأنه كان يتكلم أمام باب منزله بصوت عال وقت الظهيرة، مشيرا إلى أنه أصبح يفقد أعصابه لأشياء بسيطة وتافهة.
ل. ب