منذ أكثر من ثلاث سنوات، قامت منصة نتفليكس بإنشاء قائمة جديدة تحمل عنوان “قصص فلسطينية”، حيث تعرض أفلاماً وصفتها حينها بأنها “تكريم لإبداع وشغف صناعة السينما العربية، لكن الآن، اختفى من القائمة 19 فيلماً على الأقل، ولم يبقَ للمشاهدين في الولايات المتحدة مثلاً سوى فيلم واحد هو العمل الوثائقي “إبراهيم: مصير يجب تحديده” للينا العابد. أما عند الدخول إلى “نتفليكس” من الأراضي المحتلة فسوف يلاحظ المستخدم أن قائمة “قصص فلسطينية” كلها غير موجودة أصلاً بحسب ما رصده موقع “ذا إنترسبت”، الذي لاحظ أن البحث عن القائمة سيقود المستخدم إلى صفحة خطأ 404 تقول إنه لا يمكن العثور عليها. نفس صفحة الخطأ سوف تظهر للمشاهدين في دول مثل كوريا الجنوبية، بينما ظل فيلم واحد أو اثنان فقط متاحاً في القائمة في دول مثل بريطانيا وأوكرانيا. كل هذا بالرغم من أن المنصة لم تذكر أي فيلم فلسطيني في مقالها حول العناوين التي ستغادر الخدمة هذا الشهر.
وعندما أطلقت قائمة “قصص فلسطينية” لأول مرة، تعرضت “نتفليكس” لانتقادات من قبل منظمة إم ترتسو اليمينية الصهيونية. في ذلك الوقت ردت “نتفليكس” بأنها “تؤمن بالحرية الفنية وتستثمر باستمرار في سرد القصص الأصيلة من جميع أنحاء العالم”، وتركت الأفلام للمشاهدين. لكن هذا الاختفاء يأتي بالتزامن مع العدوان الصهيوني المستمر على غزة ثم العدوان على لبنان. هذا يعني أكثر وقت يحتاج فيه الصوت الفلسطيني للوصول إلى المشاهد العالمي.
هذا الحذف أثار غضب المجتمع الحقوقي الذي طالب بإعادة الأفلام فوراً. رسالة إلى “نتفليكس” من 30 منظمة متضامنة مع الفلسطينيين، بما في ذلك “الحرية إلى الأمام”، وشبكة العمل العربي الأمريكي، ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، وتعاونية المسلمين لمناهضة العنصرية، والشبكة الوطنية للجاليات العربية الأمريكية، وشبكة الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة، وغيرها، دعت إلى عودة الأفلام مذكرةً بأن “محو نتفليكس للأصوات الفلسطينية يأتي بعد عقود قبيحة من قمع وجهات النظر والروايات الفلسطينية من قبل شركات الأخبار ووسائل الإعلام الترفيهية الغربية”.
رداً على الجدل قالت الشركة في بيان لها إن “قصص فلسطينية” انتهت صلاحية تراخيص الأفلام فيها كما أوضحت المتحدثة باسم “نتفليكس”، راشيل راكوسن، عبر “ذا إنترسبت” أن الحذف مبرّره انتهاء صفقة ترخيص هذه الأفلام في أكتوبر 2024، و”لهذا السبب لن تكون هذه الأفلام متاحة على الخدمة بعد الآن”. وأضافت أن “هذه ممارسة متعارف عليها في ترخيص المحتوى. ومن الأمثلة المماثلة على ذلك مسلسل فريندز الذي لم يعد متاحاً في الولايات المتحدة أو مسلسل مستر روبوت الذي لم يعد متاحاً في الدول العربية”.
الرد بدوره أثار غضب الناشطين والحقوقيين. المدير التنفيذي لمنظمة “حرية إلى الأمام”، سونجيف بيري، نشر بياناً انتقد فيه السماح بانتهاء صلاحية صفقة الترخيص. وكتب: “لماذا لم تجدد نتفليكس صفقة الترخيص التي نقلت بموجبها هذه الأفلام الفلسطينية التسعة عشر؟ نتفليكس شركة تبلغ قيمتها 300 مليار دولار ويمكنها تحمّل تكاليف تجديد تراخيص الأفلام التي تهتم بها. يعيش الفلسطينيون معاناة غير عادية، وينبغي على نتفليكس أن تفعل كل ما بوسعها لمشاركة القصص الفلسطينية مع العالم. وبدلاً من ذلك، سمحت نتفليكس باختفاء كامل مكتبتها تقريباً من الأفلام الفلسطينية”.