بلغت المرأة في الإسلام مكانة عالية، لم تبلغها ملَّةٌ ماضيةٌ، ولم تُدرِكها أمةٌ تاليةٌ؛ إذ إن تكريم الإسلام للإنسان تشتركُ فيه المرأة والرجل على حدٍّ سواء، فهم أمام أحكام الله في هذه الدنيا سواء، كما أنهم أمام ثوابه وجزاءه في الدار الآخرة سواء، قال تعالى ” ولقد كرمنا بني آدم”، وقال عزَّ من قائل ” للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون “. وقال جلَّ ثناؤه ” ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف “، وقال تعالى: ” فاستجاب لهم ربهم أنّي لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى “، وقال جلَّ ثناؤه: ” من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحييه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون”.
فقد أقرَّت الحضارة الرومانية أن تكون المرأة رقيقاً تابعاً للرجل ولا حقوق لها على الإطلاق، واجتمع في روما مجمعٌ كبيرٌ وبحَثَ في شؤون المرأة، فقرَّرَ أنها كائنٌ لا نفْس له، وأنها لهذا لن ترِث الحياة الأخروية، وأنها رِجْس. وكانت المرأة في أثينا تُعدَّ من سقط المتاع، فكانت تُباعُ وتُشتَرَى، وكانت تُعدُّ رِجساً من عمل الشيطان. وقررت شرائع الهند القديمة: أن الوباء، والموت، والجحيم، وسمُّ الأفاعي، والنار خيرٌ من المرأة، وكان حقها في الحياة ينتهي بانتهاء أجَل زوجها – الذي هو سيدها – فإذا رأت جثمانه يُحرَق ألقَتْ بنفسها في نيرانه، وإلا حَاقَت عليها اللعنة. تلك هي المرأة في العصور القديمة، أما المرأة المعاصرة في أوروبا وأمريكا وغيرها من البلاد الصناعية فهي مخلوقٌ مُبتَذَل مستهلك في الأغراض التجارية، إذ هي جزء من الحملات الإعلانية الدعائية؛ بل وصل بها الحال إلى أن تُجرَّد ملابِسها لتُعرَض عليها السلع في واجهات الحملات التجارية، وأُبِيحَ جسدُها وعِرضُها بمُوجَب أنظمة قرَّرها الرجال لتكون مُجرَّد متعةً لهم في كل مكان.
قارِن هذا – ولا سواء – بما جاء في القرآن الكريم من قوله تعالى “المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض”، وقوله جلَّ ثناؤه “ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف”، وقوله عز وجل “وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إمَّا يبلُغنَّ عندك الكبر أحدهما أوكلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رًّب ارحمهما كما ربياني صغيراً “. وحينما كرَّمَها ربُّها هذا التكريم أوضحَ للبشريةِ قاطبةً بأنه خلقها لتكون أماً وزوجة وبنتاً وأختاً، وشرع لذلك شرائع خاصة تخص المرأة دون الرجل.