إن السيرة الشريفة مليئة بالمواقف التي تبين مدى حب الصحابة له صلى الله عليه وسلم، وما من خبر في السيرة إلا ووراءه موقف حب، يبرز من خلال الكلمات أو من خلال الوقائع. ونكتفي بذكر أمثلة من ذلك:
– في مفاوضات صلح الحديبية: كان عروة بن مسعود أحد الموفدين من قبل قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رجع إليهم قال: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت ملكًا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم – محمدًا.
– وقال عمرو بن العاص: وما كان أحد أحب إليَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجلَّ في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عينيَّ منه إجلالًا له ولو سئلت أن أصفه ما أطقت، لأني لم أكن أملأ عينيَّ منه.
– وفي فتح مكة: حين جاء العباس رضي الله عنه بأبي سفيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كان عمر حريصًا على أخذ الإذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله، فقال العباس لعمر: مهلًا يا عمر فو الله لو كان من بني عدي ما قلت هذا.. فقال عمر: مهلًا يا عباس، فو الله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إليَّ من إسلام الخطاب لو أسلم، وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، من إسلام الخطاب لو أسلم.
– وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي الصفوف قبل معركة بدر، وبيده سهم، فلما وصل إلى سواد بن غزية، رآه بارزًا، فقال: ” استو يا سواد ” فقال سواد: أوجعتني يا رسول الله، فدعني أقتد منك، فيعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، السهم ويكشف له عن بطنه الشريف، فيعتنقه سواد ويقبله.. فيقول له: ” ما حملك على هذا؟ ” فيقول: يا رسول الله، قد حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمسَّ جلدي جلدك.. فدعا له صلى الله عليه وسلم، بخير.