مقتطفات من السيرة النبوية.. حادثة تحكيم النبي صلى الله عليه وسلم لبناء الكعبة

مقتطفات من السيرة النبوية.. حادثة تحكيم النبي صلى الله عليه وسلم لبناء الكعبة

 

ذكر ابن هشام: أنَّ قريشاً قامت بهدم الكعبة وبنائها، وكان عمره صلى الله عليه وسلم خمساً وثلاثين عاماً، ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يمتاز بشرف وضعه في مكانه، واستمر النزاع أربع ليال أو خمسًا، واشتد حتى كاد يتحول إلى حرب ضروس في أرض الحرم، إلاَّ أن أبا أمية بن المغيرة المخزومي عرض عليهم أن يُحكِّموا – فيما شجر بينهم – أول داخل عليهم من باب المسجد فارتضوه، وشاء الله تعالى أن يكون ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأوه هتفوا: هذا الأمين، رضيناه، هذا محمد، فلما انتهى إليهم، وأخبروه الخبر، طلب رداء، فوضع الحجر وسطه، وطلب من رؤساء القبائل المتنازعين أن يمسكوا جميعًا بأطراف الرداء، وأمرهم أن يرفعوه، حتى إذا أوصلوه إلى موضعه، أخذه بيده، فوضعه في مكانه. ففي الخبر المذكور فوائد جمة، منها:

– أنهم عندما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم ارتضوه جميعاً، فلم يعترض عليه أحد، وهذا يدل على قدره ومنزلته بينهم.

– ومنها: حكمته صلى الله عليه وسلم وفطنته وحسن تصرفه؛ فقد أنهى الخلاف، وأرضى جميع الأطراف.

– ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أخذ الحجر الأسود ووضعه في موضعه، فقد امتاز النبي صلى الله عليه وسلم بشرف وضع الحجر الأسود في مكانه، وبرضاهم جميعاً، كرامةً من الله تعالى له.

– وهكذا عاش النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعثته بين قومه، مشاركاً لهم في حروبهم ومعاهداتهم، وحل مشاكلهم، وفي هذا تدريب عملي من الله تعالى لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، وإعداد لقائد الأمة وحامل لوائها وصاحب أعظم رسالة إلى يوم القيامة.