مقتطفات من السيرة النبوية.. بداية الجهر بالدعوة

مقتطفات من السيرة النبوية.. بداية الجهر بالدعوة

جاء أمر الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم: ” وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ” الشعراء: 214، ويروي علي بن أبي طالب ما الذي حدث قائلًا: “جمعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب، فيهم رهط كلهم يأكل الجزعة ويشرب الفرق، قال: فصنع لهم مدًّا من طعام فأكلوا حتى شبعوا، قال: وبقي الطعام كما هو لم يمس، ثم دعا بشرابٍ فشربوا حتى رووا، وبقي الشراب كأنه لم يمس أو لم يشرب، فقال: يا بني عبد المطلب، إني بعثت لكم خاصة، وإلى الناس عامة، وقد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم، فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي؟ قال: فلم يقم إليه أحدٌ، قال: فقمتُ إليه وكنتُ أصغرَ القوم، قال: فقال لي: اجلس ثلاث مرات، كل ذلك أقوم إليه، فيقول لي: اجلس، حتى كان الثالثة ضرب بيده على يدي” رواه الإمام أحمد.

لقد أعذر النبي صلى الله عليه وسلم إلى عشيرته الأقربين وجاء الأمر الآخر: ” فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ” الحجر: 94، فصعد جبل الصفا في يوم، وما عهدوه صلى الله عليه وسلم يصعد الصفا أو يحدثهم عليه، وقف عليه السلام على الصفا، ونادى في قريش بتحيتهم التي يحيون بها بعضهم: “واصباحاه، وا صباحاه”، فاجتمعت قريش تترقب حديثه، “يا معشر قريش، أرأيتم إن أخبرتكم أن خيلًا تخرج من سفح الجبل أكنتم مصدقيَّ؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبًا، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، يا بني كعب بن لؤي، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مرة بن كعب، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم، أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة بنت محمد، أنقذي نفسكِ من النار، يا صفية بنت عبد المطلب، أنقذي نفسكِ من النار، لا أملك لكم من الله شيئًا”. فوجئت قريش بهذه الدعوة، وصمتت من هول الدهشة، ما الذي حدث؟ نبي وقرآنٌ وإلهٌ يُعبد وحده، وجنة ونار، وحسابٌ وعذابٌ، دينٌ يستوي فيه القوي والضعيف، الغني والفقير، الأبيض والأسود، دينٌ تكون فيه الأفضلية والكرامة لأهل التقوى، لأهل الإيمان، لأهل القرآن، انتهى زمن التفاضل بالأحساب، والأنساب، والأموال، والبلاد، والأصول، والأقوام.