مقتطفات من السيرة النبوية:  الصحابة .. معجزته صلى الله عليه وسلم

مقتطفات من السيرة النبوية:  الصحابة .. معجزته صلى الله عليه وسلم

لقد أحب الصحابة رضي الله عنهم نبيهم صلى الله عليه وسلم حبًّا جاء بعد حبهم لله قويًّا نقيًّا خالصًا أعلى من حبهم أنفسهم وأولادهم، حتى صار حبهم هو معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم. ولكن لماذا أحبّوه هذا الحب؟ إذ لا يوجد في التاريخ كله قوم أحبّوا إمامهم أو زعيمهم أو شيخهم أو قائدهم أو أستاذهم كما أحبّ أصحاب محمد محمدًا صلى الله عليه وسلم حتى افتدوه بالمهج، وعرّضوا أجسامهم للسيوف دون جسمه، وضحوا بدمائهم لحمايته، وبذلوا أعراضهم دون عرضه، فكان بعضهم لا يملأ عينيه من النظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالاً له، ومنهم من ذهب إلى الموت طائعًا ويعلم أنها النهاية وكأنه يذهب إلى عرس، ومنهم من احتسى الشهادة في سبيل الله كالماء الزلل، لأنه أحبّ محمدًا ودعوته.

بل كانوا يتمنون رضاه على رضاهم، وراحته ولو تعبوا، وشبعه ولو جاعوا، فما كانوا يرفعون أصواتهم على صوته، ولا يقدمون أمرهم على أمره، ولا يقطعون أمرًا من دونه، فهو المطاع المحبوب، والأسوة الحسنة، والقدوة المباركة. أما دواعي هذا الحب وأسبابه، فأعظمها أن هذا الإنسان هو رسول الرحمن، وصفوة الإنس والجان، أرسله الله ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ويقودهم إلى جنة عرضها السموات والأرض، ثم إنهم وجدوا فيه صلى الله عليه وسلم الإمام الذي كملت فضائله وتمّت محاسنه. لم تكن المحبة وحدها هي العامل الوحيد في تلك الوشيجة الكريمة بين هذا الجيل وقائده، بل يكمن وراءها سببٌ أعظم ألا وهو تربية الرسول صلى الله عليه وسلم لهم والتي مازالت تُدْرس وتُدَرس عبر رسائل علمية أكاديمية عدة، شهد له فيها ثُلة من علماء العرب والعجم بالإعجاز البشري للنبي صلى الله عليه وسلم ومنهم الشيخ محمد الغزالي حين يقول”إن تربية محمد صلى الله عليه وسلم لهذا الجيل معجزته الكبرى بعد القرآن الكريم”.