الأُخوة الإيمانية من أوثق عُرى الإيمان، وتحقيقها عبادة من أعظم العبادات، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه؛ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: “مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ؛ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ” صحيح رواه أبو داود. فدل على أنَّ مَنْ لم يُحِب لله، ويُبْغِض لله، لم يستكمل الإيمان. يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: “الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يَخْذُلُهُ، وَلاَ يَحْقِرُهُ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ” رواه مسلم. إنَّ أعظمَ رابطة تَجْمَعُ الناسَ هي رابطة الدِّين، ليس بين المسلمين فحسب، بل بين كُلِّ قومٍ يجمعهم دين واحد، ولكنَّ المسلمين يمتازون عن غيرهم بأنهم على الحق، وأنهم على صراطٍ مستقيمٍ من الله تعالى. والمؤمنون إخوةٌ في جميع الأزمان من أوَّلِ الخليقة إلى آخرها؛ كما قال تعالى: ” وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ ” الحشر: 10.
ومن أهم فضائل الأُخوة الإيمانية: تذوُّق حلاوة الإيمان؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: “ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ”، وذَكَرَ منها: “أَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ” رواه البخاري. والأُخوة الإيمانية تُؤدِّي إلى مَحبَّةِ الله للمُجتمع المسلم؛ ففي الحديث القدسي الذي يرويه النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ربِّه: “يقول اللهُ تعالى: وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ، وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ” صحيح رواه أحمد. ومفهوم المخالفة في الحديث: أنَّ العداوة والتناحر والتباغض بين أفراد المجتمع يَستجلب سَخَطَ اللهِ عليهم جميعًا. والأُخوة الإيمانية سبيلٌ إلى ظِلِّ عرش الرحمن سبحانه وتعالى، يوم لا ظِلَّ إلاَّ ظله، حيث يكون العبد أحوج ما يكون إلى بادرة أمان؛ فقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: “سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ”، وذَكَرَ منهم: “وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ، وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ” رواه البخاري ومسلم.