مفر من الحل الجراحي أحياناً لمعالجة أمراض “الديسك”

مفر من الحل الجراحي أحياناً لمعالجة أمراض “الديسك”

صارت مشاكل الظهر والآلام الناتجة منها أكثر شيوعاً في أيامنا هذه، واللافت هو ازدياد الحالات بين الشباب، قد يكون سبب ذلك جينياً أو مرتبطاً بنمط الحياة، وأياً كانت الأسباب تبقى معظم الحالات قابلة للمعالجة من دون الحاجة إلى تدخل جراحي.

 

“الديسك”… المرض القادم

“الديسك” هو فعلاً من أمراض القرص التنكسي، وهو حالة يمكن أن تشبّه بالشيب، فمع التقدم في السن، كما يشيب شعر الإنسان، تحصل خشونة في الديسك وجفاف مع نقص معدل الماء فيه، ومع جفافه أكثر فأكثر تزيد الحالة سوءاً.

على الرغم من ذلك، نلاحظ في أيامنا هذه أكثر فأكثر ظهور إصابات “ديسك” بين الشباب.

 

حالات نادرة للإصابة بين الشباب

ما يزال سبب ظهور هذه الإصابات العديدة بين الشباب غير واضح حتى الآن، لكن يمكن أن تلعب عوامل عدة دوراً في ظهور هذه الحالات أكثر اليوم، قد تكون المشكلة في نمط الحياة والتعب الزائد إلى جانب زيادة الوعي والحرص على استشارة الطبيب مباشرةً عند ظهور أي مشكلة، فيما كانت تهمل في السابق. ظروف حياتنا اليوم تفرض علينا المزيد من الحرص وتمنعنا من التهاون في كل ما يتعلق بصحتنا الجسدية، لأن هذا يؤثر سلباً في نمط حياتنا وعملنا.

في السابق كانوا يتخاذلون عند الشعور بالألم، وكانت الأمور تبسّط عند الشعور بألم في الظهر، أما في أيامنا هذه فلا يحول الإحساس بالوجع دون معالجة السبب.

ومما لا شك فيه أن نمط حياتنا الذي يغلب عليه الركود له أثر سلبي أيضاً، فأي شخص اليوم يجلس على كرسي مكتب لساعات طويلة، يتوجه في المساء إلى النادي الرياضي لممارسة رياضة قاسية ورفع الأوزان الثقيلة فيما تنقصه اللياقة البدنية التي تتطلبها هذه التمارين.

لم يعد الجسم حاضراً لكل هذا ونقسو عليه فجأة، ومن الواضح أنه تنقص أي إنسان اليوم اللياقة البدنية التي كانوا يتمتعون بها سابقاً، إذ كانوا في تمرين مستمر وحركة دائمة. وهذا ينطبق حتى على ربة المنزل التي كانت أعمالها مختلفة سابقاً ويغلب على نمط حياتها المزيد من النشاطات والأعمال المنزلية.

 

العوامل الأساسية التي يمكن أن تسبب إصابة “الديسك”

يبقى السن هو العامل الأكثر أهمية، وتزيد المشكلة سوءاً مع وجود العامل الجيني كأن تكون الأم مصابة مثلاً أو الأب فيصبح الأطفال أكثر عرضة.

لذلك قد يكون عادياً إصابة امرأة في سن متقدمة، أما في حال إصابة شابة فلا بد من البحث عن عامل جيني محتمل، إضافةً إلى ذلك، ثمة مهن يكون العاملون فيها أكثر عرضة لإصابات “الديسك” كسائقي الشاحنات مثلاً والممرضات اللواتي تفرض عليهن ظروف عملهن الوقوف الدائم ورفع المرضى. وبشكل عام، للحركة الدائمة العشوائية وغير المدروسة تأثير سلبي في العمود الفقري عامةً، لأن الجسم لا يكون مستعداً للقيام بحركات معينة قد تكون مفاجئة وتسبب إصابات.

 

جنس المريض وعلاقته بالمرض

يختلف ذلك باختلاف الحالة، ففي تلك المرتبطة بالهرمونات المسببة، تكون المرأة أكثر عرضة كالإنزلاق الفقري، وطبعاً الحالات الناتجة من ترقق العظام وهشاشتها تظهر أكثر لدى المرأة، أما الحالات الناجمة عن ضغط زائد على الظهر والتي لها علاقة بطبيعة العمل فيكون الرجل فيها أكثر عرضة.

 

العوامل المساهمة في زيادة فرص التعرض للمرض

يسرّع التدخين في جفاف “الديسك”، وكذلك بالنسبة إلى ترقق العظام. أيضاً عند حمل أغراض ثقيلة، من الأفضل حملها على مقربة من الجسم للحد من تعرض الظهر للأذى. والأفضل أيضاً النزول أرضاً بدلاً من الانحناء لرفع الغرض. أيضاً من العادات المؤذية، الجلوس لفترات طويلة.

 

هل من معايير معينة لتحديد الحاجة إلى تدخل جراحي؟

لا بد من التوضيح أولاً أنه يمكن أياً كان أن يعاني آلاماً في الظهر في يوم من الأيام، إلا أنها قد تأتي وتزول وحدها من دون أي تدخل أو علاج، ويحصل هذا في معظم الحالات، وغالباً ما تتحسن حالات “الديسك” الناتجة من تكلّس من دون تدخل جراحي.

لكن في الحالات الباقية لا يمكن أن ننكر أن لا فائدة من العلاج ويكون الألم حاداً أولاً ثم يصبح مزمناً، عندها قد لا يكون هناك مفر من الجراحة بعد اللجوء إلى كل العلاجات المتوافرة من أدوية وعلاج فيزيائي وتغيير نمط الحياة ووصف الراحة للمريض. إذا لم تنفع كل الوسائل العلاجية المتاحة وأصبح الألم مزمناً، لا بد من التدخل الجراحي. يمكن القول إنه في نسبة 75 في المائة من الحالات يتحسن المريض وحده.

وفي الأشهر الثلاثة الأولى يكون الهم الأساسي كسب الوقت من خلال تغيير نمط الحياة واللجوء إلى العلاج الفيزيائي والأدوية، وفي حال عدم التحسن تدرس الحالة لتحديد الحاجة إلى جراحة. ثمة أعراض معينة تدعو إلى عدم التهاون وتتطلب المزيد من السرعة في اتخاذ قرار الجراحة، فعندما يضغط “الديسك” على النخاع الشوكي يسبب خللاً في التوازن وفي حركة اليدين بحيث يصبح المريض عاجزاً عن السيطرة على حركتهما.

 

هل من إجراءات وقائية معينة يجب اتخاذها؟

إجراءات الوقاية العادية مطلوبة من المريض، لكن من المؤكد أنها أقل من تلك التي تُطلب عند إجراء الجراحة الكلاسيكية، لأن الجرح يكون صغيراً، بشكل عام ليس هناك ممنوعات بعدها.

يصف البعض الراحة والاستلقاء للمريض الذي يعاني آلاماً في الظهر، فيما يقول كثر إن الحركة مناسبة أكثر، ما الأصح فعله؟

لا يفيد المريض النوم بدون حراك، بل على العكس. يمكن الاستلقاء لمدة يوم واحد لا أكثر للراحة، لكن الأفضل اللجوء إلى العلاج الفيزيائي لتقوية العضلات بشكل تدريجي.

ق. م