أرأيت الحديد كيف يستسلم لجاذبية المغناطيس، فكذلك القلوب لها مغناطيس يجذب بعضَها إلى بعض مهما اختلفت، مغناطيسٌ جاذبيتُه من نوعٍ خاصٍّ، إنها جاذبيةٌ تكمن قوَّتُها في حملها لمفتاح باب القلب، تُرى ما هو ذلكم المغناطيس؟ وما سِرُّ قوَّته؟ تعالَ معي إلى الحبيب صلى الله عليه وسلم وهو يهتف بنا، دونكم مغناطيس القلوب، مَنْ يملك مفتاح أبوابها فيفتح مغاليقها “أولا أدُلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحابَبْتُم؟ أفْشُوا السلام بينكم” مسلم. إنها وصفة تملأ الحياة حبًّا ووِدادًا، ضمانٌ من محمد صلى الله عليه وسلم لمن التزم السلام، وداوم على إفشائه، أن يكون محبوبًا، فتُقبِل عليه القلوب، ويألفه كل مَنْ يُعاشِرُه، فما أحوجنا في حياتنا المعاصرة إلى هذه الوصفة النبوية في بيوتنا مع زوجاتنا وأبنائنا وفي مجتمعنا مع جيراننا وأقاربنا، وفي أماكن وجودنا مع زملائنا وأصدقائنا!. سأل رجلٌ أحد الحكماء، فقال له: بيني وبين زوجتي خلافٌ وشقاق ونفرة، فقال: له سلِّط عليها السلام، سارعَ الرجل بتطبيق الوصية، فما هي إلا أيام وإذ بالقلوب تأتلِف والمودَّة تُخيِّم على حياته. تأمَّل معي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأنس رضي الله عنه حين قال: “يا بني، إذا دخلت على أهلِكَ فسلِّم فتكون بركة عليك، وعلى أهل بيتك” الترمذي. السلام يملأ حياتك بالأمن فتسلم من الشقاق والفرقة والخلاف، ويُخيِّم عليها المحبَّة والهناء والصفاء والسلامة من التنافر والتقاطع، وتدوم لكم المودة، وتجمع القلوب وتزول الضغائن. السلام هدية ربانية لمن أراد حياة الأنس والسرور والسعادة والهناء، تأمل قول الله جل وعلا ” فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ” النور: 61. السلام يجعل صاحبه أولى الناس بحفظ الله ورعايته وخيراته وبركاته؛ فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام” الألباني. السلام ليس مصاحبًا لك في رحلتك الدنيوية فحسب؛ بل هو أول ما يطرق سمعك عندما تُفارق هذه الحياة، ” الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ” النحل: 32.
من موقع إسلام ويب