– مساعٍ جادة لتصنيف السد ضمن اتفاقية “رامسار”
يعرف سد بني هارون عدة نقاط سوداء، منها كميات كبيرة من القمامة ومخلفات البناء والقارورات البلاستيكية، حيث ترفع منها البلديات والوكالة المسيرة للمنشأة كميات ضخمة، في وقت تعول فيه مديرية البيئة لولاية ميلة على النظام الإيكولوجي الجديد الذي خلقه السد من أجل إدراجه كمحميّة طبيعية، خصوصا بعد أن استقطب طيورا مهاجرة جديدة، من بينها نوع نادر قد يحقق للموقع تصنيفا دوليا كمنطقة رطبة ضِمن اتفاقية “رامسار”.
رمي القمامة رغما عن أبناء المنطقة
يستدعي وجود تجمعات سكنية كبيرة على ضفة السد، على غرار عنوش علي والسيباري وسيدي مروان، طرح العديد من التساؤلات عن مصير الكميات الهائلة من مياه الصرف الصحي المترتبة عنها.
بنايات مهجورة قائمة على ضفاف السد
تقوم على ضفة سد بني هارون منازل مهجورة استفاد أصحابها من تعويضات بعدما غمرتها المياه، على إثر إنجاز السد، ويشير ساكنو المنطقة إلى أن الخطر الحقيقي ليس في المخلفات المنزلية أو بقايا عمليات البناء التي يرمي بها المواطنون عشوائيا على ضفة السد أو داخل المياه، ولكن مياه الصرف الصحي التي يتم التخلص منها أحيانا بسبب الأعطال التي تصيب محطة التصفية هي المشكلة الحقيقية، مثلما قالوا.
وتقوم محطّات التصفية بتحويل مياه الصرف الصحي إلى محطة سيدي مروان التي تحولها بدورها إلى المحطة الرئيسية بمدينة ميلة قبل أن تصب في مياه الوادي. ويلاحظ في جميع المواقع المتاخمة لمياه السد عدم احترام المحيط الذي يفترض أن يخلو من النشاط الفلاحي، بالإضافة إلى نقص كبير في التشجير، كما وقفنا على بعض الشّعاب التي تنحدر عبرها المياه من المرتفعات نحو السد وبعضها يجرف معه كميات من القمامة التي يلقي بها المواطنون.
وتشكّل بعض الأماكن التي يختارها مواطنون للنزهة، نقاطا سوداء من القمامة، مثل الغابة المجاورة لطريق السيارات المؤدي إلى منطقة سيدي مروان، حيث تقبع هناك كمية كبيرة من القمامة البشرية، على غرار بقايا طعام وأكياس بلاستيكية وعبوات جعة فارغة وزجاجات نبيذ وحتى حفّاظات أطفال مستعملة، وهناك حتى من يلقون القمامة مباشرة في مياه السد غير عابئين بتبعات ذلك على البيئة.
وممّا يدعو إلى الغرابة أن اللافتة التي تنهى عن رمي النفايات بالمنطقة، بالقرب من “القمامة العشوائية”. ويتوفر التجمع العمراني سيدي مروان على محطة كبيرة لتصفية مياه الصرف الصحي.

البلاستيك يتسرب من الشلال الاصطناعي إلى الوادي الكبير
أما بمحيط السد، فلا تظهر الكثير من القمامة نظرا للمساحة الكبيرة التي تحتلها مياهه تحت جسر وادي الذيب الذي يقطعه، لكنْ عند الوُقوف على الجِهة الأخرى خلف الجدار الكبير الذي كان مفتوحا لتفريغ الكميّات الزائدة من المياه، ستلاحظ أكواما من القوارير البلاستيكية وبعض القمامة التي تتسرب مع المياه إلى أسفل، على قلّتها، فحركية المياه التي تعبر البوابة الضخمة ساكنة ورتيبة بشكل ممل، كما أن محيط النقطة التي تخرج منها المياه في شلال اصطناعي محاطة بسياج أمني ويحرسها عدد كبير من أعوان الأمن المسلحين، فيما يمنع الولوج إليها إلا برخصة من إدارة فرع الوكالة الوطنية للسدود والتحويلات المشرف على المنشأة لذلك لا تُلاحظ فيها أية قمامة.
أطفال يحصّلون “مصروف الجيب” من بيع أسماك السد
يقوم بعض الشباب بصيد بعض الأسماك هناك، وحتى الأطفال أيضا يقومون بهذه المهنة لكسب مصروف الجيب خلال العطلة المدرسية، فيما أوضح بعض الشباب أنهم لا يمارسون الصيد كهواية وإنما هي مصدر رزق بالنسبة لعدد منهم، كما يقصد آخرون السد لقضاء بعض الوقت الممتع فقط. وقد انتهت مياه سد بني هارون في آخر نقاطها بولاية قسنطينة عند قرية “مسيدة” ببلدية مسعود بوجريو ليعود بعد ذلك وادي الرمال إلى حجمه الطبيعي.
بحسب دراسة جامعية:
السد خلق تغييرات في المناخ الفصلي للمناطق المحيطة به
تكشف دراسة جامعية حديثة عن حجم التغييرات المناخية في معدل التساقط ومتوسط درجات الحرارة بالمناطق المحيطة مباشرة بسد بني هارون، حيث اعتمدت على تحليل المعطيات الخاصة بهذين العاملين المناخيين منذ 1998 إلى غاية 2015. ، وقد أجريت هذه الدراسة بمركز عبد الحفيظ بوالصوف الجامعي لولاية ميلة، من طرف كل من الأستاذة ليندة شباح والأستاذ كبور عبد السلام، حول تأثيرات سد بني هارون على مناخ المنطقة، حيث تسعى، بحسب ما ورد في مقدمتها، إلى الكشف عن اختلالات أو تشوّه في طبيعة المناخ، من خلال تحليل النّظام الحراري والمطري على الصعيدين الشهري والسنوي في الفترة السابقة لملء السد بالمياه وبعدها، كما اعتمدت على المعطيات، التي جُمِعت على مدى 17 سنة، وتخص خمس مناطق تمثل حدود السد وهي كلّ من بني هارون وحمّالة والخناق ومشتى سراج وعين التين.
وخلُصت الدراسة إلى أن أثر سد بني هارون على المناخ واضح جدا، فقد أثر بوضوح على المقاييس المناخية للمنطقة المحيطة به، وعلى رأسها ارتفاع معدل التساقط السنوي في المحطات الأقرب من السد، وهي كل من بني هارون وحمالة ومشتى سراج، فيما خلق أثرا عكسيا في المحطات الواقعة أبعد منه وهي عين التين والخناق. كما أدى وجود سد بني هارون إلى انخفاض متوسط درجة الحرارة السنوية في كل المحطات التي خضعت للدراسة، رغم أن سلم التساقط الشهري عبر مختلف السنوات يشير إلى أن شهر جانفي يسجل انخفاضا شديدا، على عكس شهري فيفري ومارس، حيث يعرف ارتفاعا كبيرا، ما يؤثر على السلوك المناخي للفصول.
ق.م