-اجتماع معضلات الحجر، الفقر والمرض يؤجج الوضع
ما زالت شبكة “وسيلة” لمساعدة النساء والأطفال ضحايا العنف، تستقبل يوميا عددا من المكالمات الهاتفية من مختلف أرجاء الوطن، من نساء ضحايا العنف العائلي، طلبا للمساعدة النفسية والقانونية وحتى الاجتماعية. وأكدت المختصة النفسانية بالشبكة، مريم علالي، عدم امكانية إحصاء نسبة العنف العائلي منذ انطلاق الحجر المنزلي في شهر مارس المنصرم، بالنظر إلى حالة الخوف وصعوبة التواصل مع الشبكة، إلا أن الأكيد، حسبها، “أن نسبة العنف العائلي كبيرة، وتتوقع الشبكة أن تكون أعداد الاتصالات كبيرة بعد انتهاء الحجر المنزلي”. فإذا كان العنف الأسري مستشرياً قبل تفشي فيروس كوفيد-19، فكيف به في هذه الظروف الاستثنائية القاسية التي تمر بها المجتمعات وتعاني منها ملايين الأسر، خاصة أولئك الذين اجتمعت عليهم معضلات الحجر والفقر والمرض والجهل؟
وحسب منظمات الخدمات الاجتماعية العالمية، فإن السبب يعود إلى الجائحة والظروف الاقتصادية والتداعيات الاجتماعية والنفسية للفيروس التي ساهمت جميعاً في تصاعد وتيرة العنف في أجواء متوترة تسود البيوت، خاصة تلك التي فقد فيها أحد الزوجين أو كلاهما وظيفته، و حسب تلك التقارير، فإنه ومنذ بداية الحجر الصحي أبلغت معظم البلدان عن زيادة نسب العنف المنزلي، حتى أن معدلات قتل الإناث تضاعفت.
الحجر يؤجج العنف
أجّج الحجر الصّحي، المفروض على الجزائريين منذ شهر مارس، مختلف أشكال العنف الأسري، سواء بين الأزواج أو بين الآباء والأبناء، خاصة في ظل الظروف الاجتماعية القاهرة التي يعاني منها غالبيتهم، المتعلقة بضيق السكنات وفقدان مناصب العمل اليومي الذي يقتاتون منه.
مكالمات لا تعكس العدد الحقيقي
اعتبرت المختصة النفسانية لشبكة وسيلة بأن عدد المكالمات التي تصلها قليلة، ولا تعكس الواقع الذي تعانيه النساء المعنفات خلال فترة الحجر، وقالت إن هذا العنف ناجم عن ضغوط وتردي الوضع الاقتصادي، مشيرة إلى أنه يتضح بحكم الاتصالات التي ترد الشبكة عبر أرقامهم الهاتفية، بأن أغلب المتصلات يتحدثن بتحفظ ويشعرن بخوف كبير، وفي بعض الحالات، يحتم عليهم الوضع قطع الاتصال، حتى لا يكتشف أمرهن المعنف المتواجد معهن في المنزل، والذي قد يكون الأب أو الزوج أو الأخ، مشيرة إلى أن الأكيد، وجود عدد من النساء يعانين في صمت وينتظرن بفارغ الصبر انتهاء الحجر وزوال الوباء، من أجل الالتحاق بالشبكة لطلب المساعدة القانونية والتكفل النفسي، خاصة اللواتي يتعرضن للضرب.
عنف عائلي وليس زوجي فقط
من جهة أخرى، أوضحت المتحدثة بأن الشبكة كانت تستقبل قبل الجائحة، مكالمات تتعلق بالعنف الزوجي، ومنذ تفشي الوباء، أصبحت المكالمات التي تصل في مجملها، تعكس تنامي العنف العائلي بين أفراد الأسرة الواحدة، مضيفة “وردت إلينا اتصالات تتعلق بممارسة الأب للعنف على الأبناء، وبين الإخوة والأخوات فيما بينهم”، لافتة إلى أن الشبكة تعمل ومنذ بداية الحجر، على التخفيف من حالات العنف، من خلال تأمين التكفل النفسي عبر الهاتف، بتقديم النصائح والتوجيهات، بالنظر إلى صعوبة التنقل إلى مقر الشبكة في الأشهر الأولى من الحجر، وبعدما تم تخفيفه، أصبحت تستقبل الشبكة كل يوم ثلاثاء، النساء المعنفات اللواتي يمكنهن القدوم إلى مقر الشبكة، للاستماع إليهن وتقديم الدعم النفسي والمادي لهن، موضحة أن الشبكة، إلى جانب ضمان التكفل النفسي، تقدم أيضا استشارات قانونية وترافق النساء اللواتي يقررن وضع حد لحياتهن العائلية ومتابعة المعنف، فضلا عن تقديم المساعدة الاجتماعية، من خلال مرافقة المساعدة الاجتماعية للمعنفات إلى المحاكم، وسد بعض احتياجاتهن المالية”.
دعوة إلى الإتصال بالشبكة
أوضحت المختصة النفسانية بأن الشبكة تدخلت في عدة حالات صعب عليها تحمل العنف، وتكفلت بالنساء المعنفات وأطفالهن، من خلال توجيههم إلى مراكز الإيواء لحمايتهم من العنف، إلى أن يتم التكفل بحالتهم من الناحية القانونية، وحسبها، فإن الشبكة وبعد أن تم التخفيف من الحجر، تدعو النساء إلى التواصل مع الشبكة التي تضع بين أيديهن مختصين نفسانيين يقدمون التوجيهات والمساعدات النفسية، وكذا استشارات قانونية مع المرافقة إلى الجهات القضائية لتحصيل الحقوق.
ق.م