مع دعوة الخطباء إلى مقاطعة الإحتفالات والتحذير من انتهاك الحرمات… جزائريون يختارون وجهاتهم لقضاء “الريفيون” وملاهي تستنفر تحضيرا للمناسبة

elmaouid

أطلق خطباء الجمعة في ولايات عدة حملة واسعة، دعوا من خلالها جموع المصلين إلى ضرورة التقيد بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف والعزوف عن الاحتفال بليلة رأس السنة الميلادية، التي ليست من عادات وتقاليد

المسلمين، والتخلي عن كل ما من شأنه المساس بعقيدة الدين الإسلامي، من مظاهر البذخ والسهر وإنفاق المال في اقتناء الحلويات والمرطبات وإعداد أطباق الأطعمة التقليدية وشراء الألبسة الجديدة، وإقامة السهرات في الفنادق وبعض المنازل، وغيرها من الأجواء الأخرى التي غالبا ما تصاحب الاحتفالات برأس السنة الميلادية.

الأئمة، الذين فضلوا التطرق إلى الموضوع، تحدثوا بإسهاب عن تلك المظاهر والأجواء التي تصنعها بعض العائلات الجزائرية، للاحتفال برأس السنة الميلادية، اقتداء بغير المسلمين، وانتقدوا تصرفات الآباء وأولياء الأمور لإتاحتهم الفرصة لأبنائهم للدخول في دائرة المحتفلين بهذه العادة السنوية بعيدا عن عادات وتقاليد المسلمين والدين الحنيف، فيقضون ليلة رأس السنة يعدّون الساعات والدقائق إلى حين موعد حلول السنة الجديدة فيشرعون في تبادل التهاني عن طريق المكالمات الهاتفية والرسائل القصيرة، أو حتى عبر الميسنجر على شبكة الأنترنت، وما تأتي به من أفكار غربية وغريبة ينفقون فيها أموالهم التي يحاسبهم عليها الله يوم القيامة.

بل أكثر من ذلك، فإن الأئمة حذروا من مغبة الانسياق وراء مظاهر الاحتفالات التي تدخل في دائرة الشرك بالله، وإحياء تقاليد وعادات وسنن غير إسلامية، نهى عنها الرسول الكريم وعلماء الدين من بعده. وهاجم إمام مسجد السنة بعاصمة الشرق قسنطينة، أولئك الذين يتركون عائلاتهم ليلة رأس السنة وينفقون مبالغ باهظة في سهرات ماجنة وليال حمراء يقيمونها في الفنادق وبعض البيوت يتعاطون فيها مختلف أشكال المحرمات وينتهكون فيها حرمة الدين الإسلامي بممارسة الرذيلة، مستدلا في ذلك على إقدام بعض الأشخاص على السفر إلى تونس أو فرنسا وغيرها من البلدان للاحتفال بليلة رأس السنة، في حين يعجزون حتى عن التنقل بعض الخطوات من بيوتهم إلى المساجد لأداء فريضة الصلاة جماعة في المسجد.

 

50 ألف دينار على الأقل لقضاء ليلة رأس السنة بالجنوب الجزائري

كشف رئيس نقابة وكلاء السياحة والأسفار إلياس سنوسي، عن عزوف كبير للجزائريين هذه السنة عن التوجه للخارج لتمضية عطلة ليلة رأس السنة، بفعل الوضع الاجتماعي والاقتصادي الصعب وتدني القدرة الشرائية، في حين قال إن الإقامة في الخارج تكلف كأدنى حد 60 أورو لليوم الواحد، وهو ما يتنافى مع قيمة المنحة السياحية التي يستفيد منها الجزائري على مستوى البنوك الوطنية، وأكد أن تمضية ليلة رأس السنة بالصحراء الجزائرية، تكلف 50 ألف دينار على الأقل للشخص الواحد.

وقال سنوسي، في تصريح لـلصحافة إن الجزائري كمتوسط له يسافر مرة كل خمس سنوات، في حين أن فرنسا تتذيل الوجهات السياحية المختارة من قبل الجزائريين، الذين يتوجهون نحو باريس سواء للعلاج أو الدراسة أو لزيارة الأقارب، وليس لتمضية العطلة والاستجمام والاستمتاع بالمناطق السياحية، على عكس بقية الدول الأخرى التي يسافرون نحوها بهدف الفسحة بالدرجة الأولى.

وحسب سنوسي، فإن عطلة ليلة رأس السنة 2019، تعتبر الأقل إقبالا على الإطلاق بالنسبة لوكلاء السياحة والأسفار في الجزائر، سواء بالنسبة للسياح الجزائريين الراغبين في التوجه نحو الخارج، أو حتى بالنسبة للأجانب القادمين نحو الصحراء الجزائرية، في حين شدد على أن عدد الجزائريين الذين يقررون النزول إلى الصحراء لقضاء احتفالات رأس السنة قليل أيضا، بالنظر إلى الأسعار المرتفعة، والتي لا تقل عن 50 ألف دينار للشخص الواحد، أما بالنسبة لبوابة الصحراء على غرار بوسعادة وغرداية، فهي لا تقل عن 35 ألف دينار، وهي مبالغ مرتفعة جدا بسبب ارتفاع تذكرة السفر عبر الخطوط الجوية الجزائرية، التي تظل مكلفة جدا رغم الوعود والأحاديث عن تخفيضات لصالح هذه الفئة.

وأوضح رئيس نقابة الوكالات السياحية أن عطلة رأس السنة تظل خارج حسابات الجزائري، الذي قد يسافر مرة كل خمس سنوات كمتوسط عام، وهذا يتعلق بأصحاب الدخل المتوسط فقط، مع استثناء التجار والأغنياء الذين يعتبرون فئة قليلة وشاذة وجماعات لا يقاس عليها.

إلا أنه بالمقابل تحدث عن توفر هياكل كافية لاستقبال السياح بالجنوب الجزائري الذي لم يعد يسجل أي عجز أو نقص في الفنادق وعدد الأسرّة، إضافة إلى توفر عاملي الأمن والأمان، مؤكدا أنه هذه السنة سيتم فتح كافة المناطق المغلقة قبل سنوات بسبب الظرف الأمني، وأن السائح بإمكانه التوجه نحو أي منطقة يرغب فيها، دون أي عراقيل، كما سيتم فتح المعابر أمام السياح الأجانب ودون أي مشاكل.

 

تونس وجهة الجزائريين رقم واحد لقضاء احتفالات رأس السنة

فضل أغلب الجزائريين قضاء عطلة نهاية السنة بالأراضي التونسية حسب ما تشير له الإحصائيات المسجلة لدى أغلب الوكالات السياحية والأسفار بالولايات الشرقية للوطن، حيث تأتي الحجوزات بالرحلات المنطقة نحو المدن التونسية بالمرتبة الأولى لتأتي بعدها الرحلات نحو تركيا بالمرتبة الثانية والتي شهدت هي الأخرى إقبالا مقارنة بباقي البلدان رغم الارتفاع المسجل في تذكرة السفر خلال الموسم الجاري، ومن خلال تواجدنا بإحدى وكالات السياحة والسفر بولاية عنابة، لاحظنا الإقبال الكبير على الحجز ضمن الرحلات المنظمة نحو الأراضي التونسية لقضاء عطلة نهاية السنة بعد أن تنافست أغلب الوكالات في العروض المغرية للزبائن والتي تراوحت ما بين 29 ألف دينار جزائري بخمس ليال كاملة بأحد الفنادق التونسية بمدينة الحمامات بالدرجة الأولى إلى غاية 50 ألف دينار و70 ألف بكامل الخدمات بما فيها النقل ذهابا وإيابا، ومن خلال تلك العروض وجدت أغلب الأسر والعائلات ضالتها جراء عدم تكبدهم مصاريف زائدة مع ضمان جميع الخدمات بأثمان معقولة كما وصفها بعض الزبائن، علما أنه رغم تنوع الخدمات، فإن المواطن يسعى للحصول على رحلة أقل تكلفة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة. وحسب ما أفاد به أصحاب وكالات الأسفار، فإن جميع الرحلات المبرمجة نحو تونس خلال عطلة نهاية السنة انتهت بها التسجيلات، حيث لجأ البعض إلى برمجة رحلات إضافية بسبب كثرة الطلب، هذا، وبالمقابل يفيد أحد أصحاب وكالات السياحة والأسفار بأنه سجل إقبالا كبيرا على التوجه نحو تركيا لقضاء عطلة نهاية السنة خاصة بالنسبة للرحلات المحلية عبر مطار قسنطينة، فيما شهدت الرحلات المنظمة عبر مطار ولاية عنابة تراجعا محسوسا مقارنة بالعام الفارط جراء الارتفاع الذي مس تذكرة السفر والتي تعدت 50 ألف دينار جزائري، مؤكدا في ذات السياق بأنه لم يسجل أي تراجع في معدل الزبائن المسجلين خلال السنوات الفارطة، حيث أن جميع الذين تعودوا على قضاء عطلة نهاية العام سواء بتونس أو تركيا أو حتى فرنسا مازالوا يسجلون نفس الحضور في ظل غياب زبائن جدد بالنسبة للموسم الجاري، علما أن أغلب وكالات السياحة أجمعت على أنه سجل نفس المعدل من خلال عملية بيع واقتناء التذاكر نحو فرنسا خلال الفترة الفارطة من أجل التوجه نحو العاصمة باريس بالدرجة الأولى وحتى باقي المدن الفرنسية بنفس الوتيرة في الفترة الممتدة بين 20 ديسمبر إلى غاية شهر جانفي وحتى شهر فيفري من العام القادم، وتجدر الإشارة في الأخير إلى أنه لم يسجل أي إقبال على اقتناء تذاكر أو على الرحلات المسجلة نحو دولة المغرب جراء غلاء التكلفة التي تصل إلى 15 و18 مليون بالنسبة للشخص الواحد، مما جعل أصحاب الوكالات يلغون عملية تنظيم الرحلات نحو المغرب التي تبقى وجهة الأوروبيين بالدرجة الأولى في ظل غلاء التكاليف الخاصة بالرحلات.

 

… واستنفار في ملاهي العاصمة تحضيرا لإستقبال المحتفلين

قبل أيام قليلة من إحتفالات رأس السنة الميلادية، تشهد مختلف الملاهي الليلية والحانات المنتشرة عبر العاصمة الجزائر وخصوصا بالبلديات الساحلية والوسط حركية غير عادية للتجهيز لليلة الفاتح من 1 جانفي 2019 و يتوافد فيها أصحاب المال و”الشكارة” وحتى مواطنون عاديون للإحتفال بشرب الخمور إلى غاية السكر ولعب القمار و الرقص مع الفتيات العاملات في هذه الأماكن المختفية عن الأنظار، ويترك هؤلاء وراءهم أموالا بالملايين مقابل استمتاعهم بهذه الليلة في “التبراح” كما يقال، وفتحت أبواب التشغيل على مصراعيها عشية الإحتفالات بليلة رأس السنة الميلادية في العديد من الولايات الساحلية المعروفة بكثرة الأجانب، إلا أن عملية التشغيل حصرت في الفتيات دون الشباب ولم يتم الكشف بعد إن كانت هذه الفتاة المحجوزة لليلة رأس السنة على غرار حجز الطاولات والغرف بكبرى الفنادق والملاهي كيف ستجمع الملايين من الأموال في هكذا أماكن، إلا أن المعلوم أو المشروط هو أن تكون من البنات الحسنوات ولا تتعدى العشرينات، أما المطلوب فهو أن تضيئ ليلة الواحد والثلاثين ديسمبر لأرباب المال وحتى البسطاء الذين سلبهم سحر الغرب القادم عبر الفضائيات ما بقي في جيوبهم من مال بعد أن سلب عقولهم.

وخصص رجال الأمن على مستوى العاصمة مخططا لهذه السنة لمنع وقوع تجاوزات ليلة رأس السنة، ليلة بيضاء بسبب مظاهر الفرح والإبتهاج التي تميزها مختلف شوارعها ككل سنة يصنعها العديد من الأشخاص الذين تتواصل سهراتهم إلى غاية صباح العام الجديد، حيث ستستنفر كل الوحدات بالبلديات وخصوصا الساحلية منها ورصد التجاوزات كالإكثار من الشرب وسياقة السيارة، وهذا ما سينتج عنه حوادث مرور مروعة.