مع توفير شروط الراحة والترفيه.. الإقامة السياحية لدى الساكن وجهة مفضلة لقضاء العطل ببوسعادة

مع توفير شروط الراحة والترفيه.. الإقامة السياحية لدى الساكن وجهة مفضلة لقضاء العطل ببوسعادة

تشهد مدينة بوسعادة جنوب ولاية المسيلة، خلال العطل، حركية معتبرة للسواح الوافدين من داخل وخارج الوطن للسياحة التي تسمى بـ ”الإقامة لدى الساكن”، والتي عرفت خلال السنوات الأخيرة رواجا كبيرا بالمنطقة.

ويتمثل هذا النوع من السياحة ”الإقامة لدى الساكن” في تخصيص سكنات فردية لإيواء وإطعام وفود السواح الراغبين في قضاء العطل بمدينة بوسعادة، مقابل أسعار تنافسية توازيا مع توفير لهم شروط الراحة والترفيه والقيام بزيارات إلى المعالم الأثرية والتاريخية التي تزخر بها ولاية المسيلة عموما وبلدية بوسعادة خصوصا.

 

من منزل إلى مكان استقبال مميز

5 Raisons pour visiter Bou Saada, un voyage poétique qui marquera vos âmes  - HOTELO Booking Algérie

وكعينة ممن نجحوا في هذا النوع من الاستثمار الذي ما فتئ يجلب إليه سكان مدينة بوسعادة خصوصا الشباب منهم، صرح أحمد بلعمري الذي حوّل منزله الكائن في حي الصفصاف العتيق وسط مدينة بوسعادة إلى مكان مميز لاستقبال السواح، مؤكدا أن “شغفه بالسياحة دفعه للاستثمار في المجال”، مضيفا أن صيغة الإقامة لدى الساكن منحته فرصة لخلق مناصب عمل له ولطاقمه المكلف بتسيير مشروعه.

 

من الإيواء إلى تقديم الوجبات التقليدية

أكثر من 20 طبقًا تقليديًا في مسابقة وطنية ‎باليوم العالمي للمرأة في بوسعادة  بالجزائر - أخبار الآن

وأضاف أن “مثل هذه المشاريع تطورت ولم تصبح تقتصر فقط على الإيواء، بل تمتد إلى تقديم وجبات تقليدية على غرار الزفيطي والشخشوخة والعيش وغيرها، وتنظيم رحلات للتعرف على المناطق السياحية ببوسعادة والترويج لها من خلال هذا النوع من السياحة”.

وفي ذات السياق، أوضح رئيس دائرة بوسعادة، كريم امجكوخ، أن “هذه الصيغة سمحت بتغطية احتياجات الحظيرة الفندقية في المدينة المعروفة بنشاطها السياحي”، مبرزا أنها قد ساهمت في خلق مناصب شغل مباشرة وغير مباشرة خاصة خلال مواسم العطل.

وأكد ذات المسؤول أن “السلطات المحلية تعمل على استغلال هذا النوع من السياحة ”الإقامة لدى الساكن” بشكل يسمح بتطوير قطاع السياحة في المنطقة، ومسايرة هذا النشاط المسجل خلال السنوات الأخيرة”.

 

أربع رخص استغلال سياحة “الإقامة لدى الساكن” وطلبات أخرى قيد الدراسة

بوسعادة.. منح 4 رخص لممارسة النشاط الخاص بصيغة “الإقامة لدى الساكن” – الموعد

وتعمل مديرية السياحة والصناعات التقليدية لولاية المسيلة على تنظيم هذا النشاط، حيث صرح مدير القطاع محليا رياض قاسيمي، أن “مصالحه قد سلمت مؤخرا 4 رخص استغلال رسمية لأربعة منازل في إطار هذه الصيغة، تتمركز كلها في بوسعادة، فيما تجري دراسة أربعة طلبات أخرى من طرف اللجنة الولائية المكلفة بمتابعة العملية”.

وحسب المتحدث، فإن “اللجنة تقوم بدراسة الملفات المودعة على مستوى مصالح البلديات لمنحها الموافقة، وذلك بعد معاينة المكان المخصص لممارسة النشاط السياحي ”الإقامة لدى الساكن” ومدى توفره على جميع الشروط المحددة في المنشور الوزاري المشترك بين وزارة الداخلية والجماعات المحلية ووزارة السياحة والصناعات التقليدية، على غرار إلزامية حيازة عقد ملكية وضمان توفير التجهيزات الضرورية لفائدة الزوار”.

وأكد السيد قاسيمي أن “مصالحه تعمل على تقديم كافة التسهيلات اللازمة لفائدة الراغبين في الاستثمار في هذه الصيغة، نظرا لأهميتها من حيث ما تقدمه من خدمات لفائدة السواح وترقية المقومات السياحية التي تحوزها المنطقة والترويج لها”.

وتقدم هذه الإقامات السياحية لدى الساكن، خدمات متنوعة مقابل مبالغ مالية يراها السواح ممن التقت بهم “وأج”، مناسبة، وفق ما أكده إلياس وهو رب عائلة قدم من العاصمة لقضاء العطلة في بوسعادة، مبرزا أن “الخدمات السياحية المقدمة والأسعار التي تطرحها مثل هذه المشاريع تجذب السواح”.

وصرح في نفس السياق، إسماعيل وهو شاب مغترب أن “التنوع في البرامج السياحية لهذه الإقامات يمكّن من التمتع بجمال المنطقة”، مضيفا “أن السياحة الداخلية أصبحت تستقطب المغتربين خاصة في عطلة نهاية السنة”.

 

بوسعادة تحن لمجدها السياحي وتحاكي أمل بت الحياة في القطاع

Huit bonnes raisons de visiter Bou Saâda - Visas & Voyages Algérie %

تزخر مدينة بوسعادة بطبيعة خلابة وثراء ثقافي استثنائي، وهي تحن اليوم إلى مجدها السياحي الذي تميزت به بعد الاستقلال محاكية الأمل في أن تبت حياة أبدية في هذا النشاط يعجل بعودة السواح الوطنيين والأجانب.

لا يختلف اثنان على أن بوسعادة هي حقا “مدينة للسعادة”، كما يشير إليه اسمها، فهي تغري زوارها وتجذبهم إليها بسحرها الخلاب، فسكانها يؤكدون أن “من يزورها سيعود إليها لا محالة”.

وقد حبت الطبيعة هذه المدينة الواقعة بالجنوب الغربي للحضنة بالهضاب العليا عند أسفل جبال أولاد نايل للأطلس الصحراوي، بباقة من المزايا التي حولتها إلى أكثر الوجهات زيارة غداة الاستقلال من قبل السواح الجزائريين والأجانب.

 

أفواج لامتناهية من السواح

زيارة عائلة دبلوماسي بريطانيي لمدينة بوسعادة بغرض السياحة | بوسعادة أنفو

يروي السيد عبد القادر محمودي تاجر في الحي القديم كيف كانت “مواكب من الحافلات تحط بالمدينة وهي محمّلة بالسواح الأجانب الذين لم تكن الفنادق لتكفيهم. كنا ننصب لهم خياما لكنهم كانوا يعشقون النوم في العراء إلى جانب الوادي وواحة النخيل، فعادة ما كانوا يقصدون بيوتنا طلبا في الضيافة ورغبة في نسج العلاقات مع السكان المحليين”. تحسر عبد القادر على كل ما فات كونه لن يعود كما كان سابقا، فهو يتأسف لأن الحي القديم لم يعد كما كان من قبل

ولم تعد تلك الأكشاك المزينة بستارات مسدلة ومعدلة على حسب التخصص سواء في الحرف اليدوية أو التوابل أو التحميص… مضيفا بمرارة “هذا ما بقي من هذه القصبة العتيقة كما ترون”.

أما السيد “ب. محمد” متقاعد وساكن أصلي بالمدينة فيقول “من جهتي لا تزال في ذهني صورة الأوروبيين الذين كنا نستقبلهم وهم يلعبون بالأوراق (غوينشا). كما حدث وأن ناموا في العراء غير آبهين بذلك لولعهم بمنطقتنا”.

وقد ساهم التوافد الغزير للسكان الهاربين من ويلات العشرية السوداء في تدهور المدينة، حسب سكان بوسعادة الذين أبدوا “استياء” كبيرا إزاء غياب “التحضر” مع بروز “ظاهرة العنف” التي جعلتهم “يحدون من زيارة معارفهم القدامى ويتجنبون الخروج من مساكنهم”.

وساعدت عودة الأمن “البوسعاديين” كثيرا، إذ بدأ النشاط السياحي يستعيد عافيته تدريجيا، وهو ما يفسره “ظهور السواح الأجانب من جديد”، حيث يوجد من بينهم من يزور هذه المدينة المبهرة لأول مرة. ويقول أحد البوسعاديين إن “هذا التوافد محتشم نوعا ما إلا أنه يبعث فينا روح الأمل في أن تعود السياحة في بوسعادة إلى سابق عهدها”.

 

مزايا تاريخية وطبيعية وثقافية

إن السمعة السياحية الطيبة التي تتحلى بها بوسعادة تعود بقسط كبير إلى شخص الفنان المستشرق ألفونس إتيان ديني الذي حمل اسم ناصر الدين بعد اعتناقه الإسلام.

وبغض النظر عن لوحات “ديني” تزخر مدينة بوسعادة التابعة لولاية المسيلة والقريبة من الجزائر العاصمة (240 كم) بكثير من المواقع الطبيعية الساحرة من بينها جبل كردادة الذي يحتضنها، كما يحمل اسم هذا الجبل أحد الفنادق الذي يمثل حافزا للسواح من أجل زيارة المنطقة نظرا لطابعه التاريخي وهندسته العربية الأندلسية.

وما يميز بوسعادة كذلك “طاحونة فيريرو” التي تحمل اسم مصممها أنطوان فيريرو، وهو إيطالي هاجر إلى الجزائر عام 1867. شيدت الطاحونة على طول وادي في قلب واحة وهو ما جعل المكان وجهة مفضلة بفضل ديكوره الفخم ومغاراته المنتعشة التي تبعث الحياة في محيطها القاحل ويوجد نموذج مصغر للمطحنة بمدخل المدينة.

يتجلى البعد التاريخي لمدينة بوسعادة في الحي العتيق “القصر” الذي يضم العديد من المعالم التاريخية من بينها متحف “إيتيان ديني” والمسجد العتيق “النخلة” الذي بناه إحدى الشخصيات الدينية المعروفة في منطقة سيدي ابراهيم الغول سنة 1120.

ويضم الحي العتيق كذلك مدرسة سيدي ثامر (لويس شالون سابقا) التي بناها المعمرون الفرنسيون في القرن الماضي، إضافة إلى إحدى أشهر الزوايا في الجزائر، وهي زاوية الهامل.

ولا يمكن تجاهل حدث تاريخي هام شهدته هذه المدينة غداة الاستقلال، ففي هذه المنطقة تم تغيير اسم جيش التحرير الوطني إلى الجيش الوطني الشعبي في 27 أوت 1962.

إن ما يميز هذه المنطقة أيضا الصناعات الحرفية على غرار الحياكة وصناعة الجلود وكذلك المطبخ البوسعادي المعروف بـ “الشخشوخة” و”الزفيطي” الغنيين بنكهاتهما. وعلى غرار المدن المجاورة لها يغلب الطابع النايلي على الذوق الموسيقي في المدينة.

تنعم “مدينة السعادة” كذلك بالعديد من المواقع الطبيعية الساحرة مثل غابة “عين غراب” و”جبل مسعد”، حيث تأوي إليها العائلات البوسعادية خلال أيام الحر الشديد تارة، ولتناول وجبة الإفطار في شهر رمضان والسهر حتى طلوع الفجر تارة أخرى.

كل من يزور مدينة بوسعادة لابد أن يعرج على قرية “العلاق” التي شيدت جلها بالطوب (الطين)، ولكنها شبه مهجورة حاليا مع أنها تبقى معلما يثير فضول الزوار ويبهر السواح.

ق.م