* وعي كبير وسط المواطنين بعدما اعتبروا انتشار الفيروس مجرد نكتة
استنفر انتشار وباء كورونا في الجزائر كل الجزائريين الذين أدركوا أن الوقاية هي السبيل الوحيد لمواجهة هذا الفيروس الذي اجتاح جل دول العالم في ظرف ثلاثة أشهر، مخلفا عددا معتبرا من المرضى والموتى، حيث لوحظ تغير طباع شريحة واسعة من الجزائريين لتفادي الإصابة بهذا المرض بعدما كانوا يعتبرونه قبل أيام فقط مجرد وسيلة للتنكيت.
حملات تحسيسية، أطباء ومواطنون يطلقون آلاف الفيديوهات على مواقع التواصل الإجتماعي للتحسيس من هذا الداء الخطير الذي سيكلفنا حياتنا إن أخلينا بشروط النظافة والوقاية، وهي نفس الشروط التي جعلت الصين تهزم الفيروس وتسجيل إصابات لا تتعدي أصابع اليد في اليوم الواحد بعدما كانت تعد بالآلاف قبل أسبوعين فقط، وفي هذا الروبورتاج نرصد لكم ما هي الإجراءات المعتمدة من طرف وسائل النقل وكذا المواطنين لمواجهة الفيروس التاجي.
تراجع “محسوس” للوافدين على المساحات والأسواق العمومية بالبليدة
شهدت مختلف المساحات العمومية والحدائق وكذا الأسواق والمساحات التجارية الكبرى التي تعد الفضاء الخصب لانتشار فيروس كورونا، الأحد، بولاية البليدة تراجعا “محسوسا” في أعداد الوافدين عليها تخوفا من الإصابة بهذا الوباء الذي تعد الولاية الأكثر تضررا منه.
وبدت الحركة على مستوى كل من السوق الشعبي “السويقة” للخضر والفواكه بوسط المدينة وكذا السوق الخاص ببيع مستلزمات العرائس “قليلة” وعلى “غير عادتها” في هذه الفترة من الوقت، أين يرتاد عليهما المواطنون من مختلف الأماكن وحتى من خارجها لاقتناء حاجياتهم ومستلزماتهم.
وخلال جولة بإحدى هذه الأسواق عبرت سيدة حرصت على ارتداء الكمامة الطبية لتفادي الإصابة بفيروس كورونا، أن تصريح الوزير الأول، أمس، بخصوص خطورة تفشي هذا المرض في حالة عدم الإلتزام بقواعد السلامة الصحية كان بمثابة “الإنذار الذي أيقظنا من حالة الاستخفاف بخطورة هذا الوباء”.
من جهتها، أكدت سيدة أخرى أنها قررت رفقة جميع أفراد عائلتها تجنب التواجد بالفضاءات العمومية تفاديا للإصابة بهذا الفيروس إلا للضرورة القصوى، وهذا بغرض اقتناء حاجياتهم فقط، مبدية أملها في أن يعي الناس خطورة هذا الفيروس الذي اجتاح العديد من دول العالم التي عجزت عن مجابهته بالرغم من توفرها على منظومات صحية قوية.
وأكدت سيدة أخرى كانت متواجدة بصيدلية منهمكة في شراء بعض الأدوية والمستلزمات الطبية أنها فضلت اقتناء كل مستلزماتها الأسبوعية من مواد غذائية لدى أحد بائعي الجملة بدل الذهاب للمساحات التجارية الكبرى كما اعتادت عليه خشية تعرضها لهذا الفيروس.
وأكدت سلمى ربة بيت حرصها على عدم السماح لأطفالها بالخروج من المنزل خلال هذه العطلة كما ألفوا ذلك من قبل وذلك لسلامة صحتهم.
وحرص العديد من المواطنين على ارتداء الكمامة الطبية التي كانوا في الأمس القريب يرون أنها مبالغة ومظهر من “مظاهر التهويل ليس إلا”، يقول أحد المواطنين.
من جهتهم، أطلق مستخدمو صفحات التواصل الإجتماعي المهتمة بالشأن المحلي حملة تحت شعار “أقعد في دارك” لتحسيس الناس بضرورة الإلتزام بمنازلهم، خاصة وأن الولاية تعد الأولى التي شهدت تفشي هذا الفيروس والتي سجلت أكبر عدد من الإصابات المسجلة.
كما عبر رواد مواقع التواصل الإجتماعي عن استعدادهم للمشاركة في الحملات التطوعية التي بادر إلى تنظيمها عدد من البلديات لتنظيف وتطهير قاعات العلاج والملاحق الإدارية والمؤسسات التربوية، مؤكدين أيضا استعدادهم التطوع لتوزيع حاجيات المواطنين من أكل وشرب في حالة ما دخلت الجزائر والولاية خاصة مرحلة الحجر الصحي المنزلي.
وفي إطار الحملات التحسيسية والتوعوية، بادر أيضا عدد من الأطباء المختصين في الأمراض المعدية إلى تنشيط محاضرات توعوية على مستوى المساجد للتحذير بخطورة هذا الوباء وسبل الوقاية منه، من خلال التقيد بتصرفات بسيطة كغسل اليدين باستمرار بالصابون أو محلول كحولي وكذا تفادي التواجد بالأماكن المزدحمة وكذا الأكل خارج المنزل.
للإشارة، فقد سجلت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، الأحد، رابع حالة وفاة بفيروس كورونا، ويتعلق الأمر بامرأة تبلغ من العمر 84 سنة من ولاية البليدة، فيما ارتفع مجموع الإصابات المؤكدة إلى 54 حالة.
وأكد الوزير الأول اتخاذ كافة التدابير اللازمة، لاسيما على مستوى المناطق الحساسة (البليدة وبوفاريك) لتطويق انتشار هذا الفيروس الذي صنفته منظمة الصحة العالمية وباء.
تجند واضح لمواجهة فيروس كورونا بتيبازة
بدت مدينة تيبازة، نهاية الأسبوع الماضي، وكأنها مدينة مهجورة في أول أيام عطلة الربيع، مشهد نادر وفريد يترجم مدى حرص الجزائريين على الإجراءات الوقائية لمواجهة انتشار عدوى فيروس كورونا الذي أعلنته المنظمة العالمية للصحة وباء عالميا.
وخلافا لما اعتادت عليه المدينة ومعها بعض المناطق الساحلية وغابات الترفيه والطريق السريع خلال أيام نهاية الأسبوع أو العطل المدرسية، لم تسجل جوهرة المتوسط ذلك التوافد الكثيف والمألوف، وحلت محله نبرة الهدوء والسكينة وقلة الحركة، سواء حركة السيارات منها أو الراجلين، مشهد أذهل ياسين إبن المدينة وصاحب مطعم.
وبنبرة ممزوجة بالجد والخوف، بدا ياسين متفاجئا من هذا المشهد قائلا: “لم أكن أتصور أن يقدم الجزائريون على الاحتراز والتقليل من الحركة، تيبازة معشوقة سكان العاصمة والبليدة وعين الدفلى، لم تسجل هذا التراجع في عدد الزوار حتى خلال مواسم العيد”، مبرزا أن حتى الشباب المغامر أصحاب الدراجات النارية غابوا اليوم عن المشهد، لكنه “مشهد جدير بالتشجيع، لأن الصحة العمومية مسؤولية الجميع”، كما أضاف.
مطاعم وساحات على غير العادة، لا حديث إلا عن الإصابات والوقاية
مطاعم خالية وساحات مهجورة وقاعات شاي شبه خالية، طرقات هادئة ومرافق سياحية تحصي زوارها على الأصابع، غابات الترفيه، من بوهارون إلى شنوة وشرشال وحجرة النص ثم قوراية، هي الأخرى بدت خالية تستنشق الهواء النقي لوحدها.
نفس المشاهد، سيطرت على جميع أرجاء الولاية ومناطقها السياحية، ميناء شرشال وقوراية غربا أو ساحل بوإسماعيل وصالونات المثلجات الدواودة شرقا، يبدو أن الجزائريين بدأوا يأخذون موضوع الوباء العالمي على محمل الجد، على حد تعبير “مهدي. ش” أحد سكان مدينة تيبازة.
وأضاف مهدي: “الظاهر من خلال مدينة تيبازة لوحدها خلال يوم السبت مقارنة بيوم الجمعة أننا دخلنا مرحلة التجنيد لمواجهة العدوى والتقيد بالإجراءات الاحترازية”، مبرزا التراجع الواضح لإعداد الزوار.
من المركب السياحي “القرن الذهبي” إلى حديقة التسلية والألعاب بأعالي تيبازة، من ميناء الصيد إلى المدينة الرومانية، فقط الأطلال لوحدها تحاكي نسيم البحر.
الصيادلة والعيادات الطبية، لاسيما منها عيادات طب الأسنان هي الأخرى تجندت واتخذت جملة من الترتيبات، خاصة منها وضع الكمامات والتطهير الدوري لقاعات الانتظار، تطهير الأبواب والعمل وفق نظام المواعيد لتفادي الاحتكاك داخل قاعات الإنتظار.
وعلى قلتها، بدت التجمعات ضئيلة حتى عند الخروج من صلاة العصر، لم يتجمع المصلون عند الساحة العمومية لمسجد وسط مدينة تيبازة مثلما تجري العادة. لا حديث إلا عن فيروس كورونا وسبل الوقاية منه، أسباب انتشاره ومدى قدرة الجزائر على محاصرة هذا الوباء العالمي، وفقا لإعلان المنظمة العالمية للصحة.
“كورونا تطرق أبواب تيبازة عن طريق ولاية البليدة، ارتفاع أسعار وندرة مواد التطهير. ظهور أول مستعملي الكمامات في الشوارع، المدينة الرومانية مهجورة، ضرورة تخزين المواد الغذائية.. إلى غيرها” من الأحاديث ما يجعل من ضغط الهاجس يرتفع لكن سرعان ما ينخفض بفعل خفة الروح المعروفة عند الجزائريين عندما يتم تلطيف الأجواء بنكهة ومزحة ويتم التأكيد على ضرورة التقيد بإجراءات الوقاية وتفادي الاحتكاك والتجمعات.
مؤسسة نقل المسافرين للوسط تتخذ عدة إجراءات وقائية
اتخذت المؤسسة العمومية الاقتصادية لنقل المسافرين للوسط جملة من الإجراءات الاحترازية لحماية مسافريها وعمالها من فيروس كورونا، وتم اتخاذ هذه الإجراءات المستعجلة، عقب اجتماع لأعضاء خلية الأزمة التي تم تنصيبها خصيصا لواجهة فيروس كورونا، خاصة وأن المؤسسة العمومية الاقتصادية لنقل المسافرين للوسط تبرمج رحلات بشكل يومي عبر كامل التراب الوطني، حسب نفس المصدر.
وتسعى المؤسسة من خلال هذه الإجراءات إلى زيادة الحيطة والحذر في سبيل التقليص من حدة تفشي الوباء عبر الالتزام بالإرشادات الواجب اتباعها في مثل هذه الظروف وعلى رأسها نظافة اليدين واجتناب الاحتكاك المباشر بين الأشخاص.
كما تشمل الإجراءات وضع الكمامات والقفازات بالنسبة للسائقين والقابضين، تطهير الحافلات بالمعقمات الكحولية قبل وبعد كل رحلة، فضلا عن تعليمات وجهت للعاملين بالحافلة عند اكتشاف مسافر يحمل أعراض فيروس كورونا أثناء الرحلة.
وتؤكد المؤسسة أن هذه الإرشادات موجهة أيضا لكل عمالها بمن فيهم الإطارات والإداريين والعمال بمختلف الورشات التقنية والميكانيكية وأعوان الأمن والمنظفين، حسب البيان.
تنصيب خلية يقظة لمتابعة الفيروس بالأغواط
نصبت خلية يقظة لمتابعة كل التطورات المتعلقة بفيروس كورونا عبر إقليم ولاية الأغواط، حسب ما علم من مصالح الولاية.
وتتشكل هذه الخلية التي أشرف على تنصيبها والي الولاية عبد القادر برادعي من لجان أمنية وإدارية ووقائية تمثل مصالح الدرك والشرطة والجمارك والحماية المدنية وقطاعات الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات والصناعة والمناجم والتجارة والثقافة والشباب والرياضة، حسب ما أوضحت ذات المصالح.
ويتمثل دور هذه الخلية في المراقبة واحتواء أي حالات محتملة. كما تعمل على نشر التحسيس في أوساط المواطنين وذلك بغرض الحد من انتشار فيروس كورونا، كما ذكر رئيس خلية الاتصال سيد علي مراد.
ويعد تنصيب هذه الخلية بمثابة إجراء احترازي ووقائي، مثلما أوضح والي الولاية خلال حفل التنصيب الذي طمأن فيه المواطنين بالولاية ومنطقة حاسي الرمل على الخصوص التي يتواجد بها عدد كبير من الأجانب بعدم تسجيل أي حالة لهذا الوباء، حسب ذات المصدر.
وأشار الوالي في ذات السياق إلى أن الشركات الناشطة بحاسي الرمل قد أكدت التزامها بإجراءات الوقاية اللازمة، يضيف المصدر ذاته.
إعداد: رفيق. أ