مع بداية عام دراسي

مع بداية عام دراسي

مع بداية عام دراسي جديد تكثر الأطروحات التعليمية، والتنظيرات التربوية، ويستنفر الجميع للحديث والمساهمة في هذا الجانب، وما ذاك إلا لإدراك الناس ما للتربية والتعليم من أهمية بالغة وأثر فاعل في بناء الأجيال وإعداد المجتمعات. ولقد كانت عناية الإسلام فائقةً في هذا المضمار من أول حرف نزل به الوحي من القرآن على رسول الأنام: ” اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ” العلق: 1 – 5، وبالعلم تُبنى الحضارات، وتُبلغ الأمجاد، ويحصل النماء والبناء، وإذا اقترن بالإيمان فهو رفعة من الله في الدنيا والآخرة: ” يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ” المجادلة: 11. إن أول ما ينبغي ترسيخه في قلوب ونفوس الناشئة ونحن نستهل عاما دراسيا جديدا  هو عقيدة صحيحة، وربطهم بالله ومراقبته والتوكل عليه؛ وبهذا يصبح المؤمن ذا همة وعزيمة وقوة إرادة؛ فيُرجى منه النتاج وتتحقق به الآمال. ولهذا؛ فالوالدان المستحقان للدعاء هما مَن أحسنا التربية، فكان الدعاء منه لوالديه: ” وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ” الإسراء: 24، وفي حديث لمسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، منها: ولد صالح يدعو له” ولهذا أيها المربي من أب وأم ومعلم ومعلمة، اعلموا أن خير القلوب أوعاها وأرجاها للخير ما لم يسبق إليه الشر، وأولى ما عني به الناصحون ورغب في أجره الراغبون إيصال الخير إلى قلوب أولاد المسلمين، وتعليمهم، وتوجيههم الوجهة الصحيحة، وهذه وظيفة الأنبياء التى لأصحابها مثل أجور من تبعوهم؛ قال عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم: “من دعا إلى هدًى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا”؛ فهنيئًا لك إذا أخلصت نيتك واحتسبت أجرك عند ربك.

والعلم هو أيسر الطرق وأحسنها وأوضحها للوصول إلى رضوان الله وجنته؛ فقد روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من سلك طريقًا يلتمس به علمًا، سهل الله له طريقًا الى الجنة”، والمعلم الصادق المخلص معلم الناس الخير، تصلي عليه ملائكة الله وأهل الأرض وأهل السماء، حتى الحيتان في قاع البحار؛ يقول عليه الصلاة والسلام كما في سنن الترمذي: “إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملةَ في جُحرها، وحتى الحوتَ، ليصلون على معلم الناس الخير”، وفي رواية لأبي داود والترمذي: “وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض، والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد، كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يُورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر”. كما نذكر بأن التربية والتعليم وبناء الأجيال ليس مسؤولية المعلم وحده، وليس مسؤولية أولياء أمورهم فحسب، وإنما هي مسؤولية الجميع؛ بمعنى أنها عملية تكاملية تشترك فيها المدرسة وأولياء الأمور.

 

من موقع شبكة الألوكة الإسلامي