مع التزايد غير المسبوق لهما.. توصيات المختصين للحد من ظاهرتي الخلع والطلاق

مع التزايد غير المسبوق لهما.. توصيات المختصين للحد من ظاهرتي الخلع والطلاق

كشفت إحصائيات رسمية عن ارتفاع مقلق في مُعدلات الطلاق، خاصة في السنوات الخمس الأخيرة في الجزائر، إذ سجلت أكثر من 68 ألف حالة سنوياً، و يؤكد المحامون أن معظم جلسات الصلح التي يجريها القضاة للجمع بين الزوجين يكون مصيرها الفشل في نهاية المطاف.

 

أسباب متعددة

ويُرجعُ نقيب الأئمة في الجزائر، جلول حجيمي، تفشي الطلاق في المجتمع الجزائري إلى أسباب عدة، منها اجتماعية وعائلية، ويقول إن “الطلاق له أسباب متعددة وهو أبغض الحلال عند الله، وتناميه في المدة الأخيرة بصورة مذهلة هو لسهولة الحصول عليه مُقارنة بالمُجتمعات غير المسلمة، فالطلاق عندها من أصعب الأمور ويأخذ سنوات للحصول عليه”.

ويُشير إلى ارتفاع نسبة الخلع في المجتمع الجزائري الذي أصبح يشكل خطراً فعلياً على المجتمع والأسرة، ولابد من إعادة النظر في إجراءاته، بخاصة مع ارتفاع نسبة العنوسة، إضافة إلى مشكلات أخرى كالسكن والبطالة وتأثير المخدرات والضعف الجنسي والبرودة الجنسية.

وللتقليص من حجم هذه الظاهرة، يقترح تنظيم دورات تكوينية لفائدة الزوجين، إضافة إلى إعادة النظر في إجراءات الطلاق والخلع والتريّث في إصدار أحكام الطلاق.

وترجع الناشطة النسوية دليلة حسين تفاقم ظاهرة الطلاق في المجتمع الجزائري لأسباب عدة، أبرزها عدم استعداد الطرفين لبناء أسرة، إضافة إلى سوء الاختيار. فالرجل يرى الشكل الخارجي ويبني عليه تصوّراته واعتقاداته، أما الفتاة فتنظر إلى الجانب المادي.

إضافة إلى ذلك، تذكر حسين تدخّل أولياء الزوج أو الزوجة في حياتهما الشخصية، إذ يحاول كل طرف السيطرة وفرض رأيه فتتفاقم بذلك المشكلات لتبلغ عتبة الطلاق، وأيضاً عدم تحمّل الرجل المسؤولية والخيانة الزوجية من الطرفين، بخاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي.

وتقترحُ حسين للحد من هذه الظاهرة تأهيل الشباب المقبلين على الزواج حتى يعوا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، سواء من الجانب الإنساني أو النفسي أو الاجتماعي، وحتى الشرعي وحسن الاختيار ووضع الأولويات لحياتهما وحسن الخلق والدين والكفاءة والقدرة على تحمّل المسؤولية.

 

توصيات علمية لدعم التماسك الأسريّ

وفي سياق ذي صلة خرج المشاركون في أشغال الندوة الوطنية الإلكترونية التي انعقدت مؤخرا عبر تقنية التخاطب المرئي حول ظاهرة الطلاق والخلع في المجتمع الجزائري التي بادرت بتنظيمها جمعية “آلاء للتنمية الأسرية”، خرجوا بجملة من التوصيات الهامة، دعت من خلالها رئيسة الجمعية الأستاذة لطيفة العرجوم، إلى تفعيلها للحد من ظاهرتي الخلع والطلاق.

وأكدت رئيسة الجمعية الأستاذة لطيفة العرجوم خليفي أن من أهم التوصيات التي خرجوا بها: “ضرورة مراعاة مبدأ التوافق الفكري والعلمي لبناء أسرة على أسس متماسكة، ورد الاعتبار للأسرة الممتدة بالنظر إلى دورها الهام في الحفاظ على الاستقرار، خاصة خلال مرحلة الصلح، إلى جانب السعي إلى ترشيد الطلاق والخلع، مع الحرص على إدراج الأخصائي الاجتماعي العائلي لدعم مساعي الإصلاح بين الزوجين”، مضيفة: “تم التأكيد في اللقاء على فكرة استحداث لجان الوساطة، وتفعيلها من الجانب الاجتماعي والقانوني في عملية الإصلاح، مع العمل على تمكين مؤسسات المجتمع المدني من تفعيل دورها الوقائي لمعالجة ظاهرتي الطلاق والخلع والحد من التفكك الأسري؛ من خلال تفعيل مجلس الأسرة والوساطة والتأهيل للزواج، وأخيرا مراعاة منظومة الواجبات والحقوق بين الزوجين، واستخدامها بما يتماشى ومقتضى الشريعة والقانون”.

وعرف الملتقى مشاركة مميزة من كوكبة من المختصين في علوم الشريعة والقانون وعلم الاجتماع والنفس، حيث ركزت الأستاذة لطيفة العرجوم خليفي رئيسة الجمعية في مداخلتها، على أهمية توفير الحماية والتوجيه، والتأكيد على التنشئة السليمة لأفراد الأسرة خلال المراحل العمرية الأولى من حياتهم، الذي يساهم، حسبها، إلى حد كبير في تحقيق مبدأ الاستقرار والتماسك الأسري.

 

التخطيط لأسرة المستقبل

من جهته ركز الدكتور جمعان الودغاني على أهمية التخطيط لإعداد أسرة المستقبل، منطلقا في ذلك من مبدأ أن كل مولود هو بمثابة مشروع زوج، وكل مولودة هي مشروع زوجة، في حين اختارت الدكتورة سامية قطوش، مختصة في علم النفس، تسليط الضوء على غياب النماذج المشرفة لمشروع الزواج الناجح، للاقتداء بها على المستوى الاجتماعي. وذهبت المحامية الأستاذة أمينة شمامي إلى أبعد من ذلك من خلال المنظور القانوني، إلى المطالبة بالضبط القانوني للمعايير التي يستند عليها طلب الطلاق أو الخلع، وتفعيل بعض المواد في قانون الأسرة، وتقييد بعضها الآخر لحل النزاع بين الزوجين والحفاظ على الأسرة.

أما الدكتور محمد عبد النبي، دكتور في الشريعة الإسلامية، فوصف الطلاق والخلع بالحق المشروع، وقال إن اللجوء إليهما لأسباب تافهة هو الذي يُحدث الإشكال، وبالتالي من الإثم اللجوء إليهما كحل لإنهاء الرابط المقدس إن كانت الأساب واهية. وركز الدكتور سعيد بويزري، مختص في الشريعة والقانون وعضو المجلس الإسلامي الأعلى، على أهمية التأهيل قبل الزواج لتحقيق المقاصد الشرعية من هذا الزواج.

ل.ب.