تقول السيدة عائشة: رحم الله نساء الأنصار، ما منعهن الحياء أن يتفقهن في الدين.. كانت المرأة من هؤلاء تأتي إلى السيدة عائشة رضي الله عنها لتسألها عن بعض أمور الدين، وعن أحكام الحيض والنفاس والجنابة وغيرها من الأحكام التي تستحي المرأة عادة من ذكرها.. كآداب المعاشرة والجماع والزينة وغيرها.. ومن المعروف أنّ السنة المطهّرة ليست قاصرة على أقوال النبي صلى الله عليه وسلم فحسب، بل تشمل قوله، وفعله، وتقريره.. وكل هذا من التشريع الذي يجب على الأمة إتباعه، فمن ينقل لنا أخباره وأفعاله صلى الله عليه وسلم في المنزل، غير هؤلاء النسوة اللواتي أكرمهن الله فكن أمهات للمؤمنين وزوجات لرسوله الكريم؟. كان الرجال والنساء يرجعون بعده صلى الله عليه وسلم إلى أمهات المؤمنين في كثير من أحكام الدين ولاسيما الزوجية فمن كان له قرابة منهن كان يسألها دون غيرها. فكان أكثرُ الرواة عن السيدة عائشة رضي الله عنها أختَها أمَّ كلثوم وأخاها من الرضاعة عوف بن الحارث، وابن أخيها القاسم وعبد الله ابني محمد بن أبي بكر، وحفصة وأسماء بنتي أخيها عبد الرحمن، وعبد الله وعروة ابني عبد الله بن الزبير من أختها أسماء. وروى عنها غيرهم من أقاربها ومن الصحابة والتابعين وهم كثيرون جدّا. وبعد انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، عاشت ميمونة رضي الله عنها حياتها بعد النبي صلى الله عليه وسلم في نشر سنة النبي صلى الله عليه وسلم بين الصحابة والتابعين؛ لأنها كانت ممن وعين الحديث الشريف وتلقينه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنها شديدة التمسك بالهدي النبوي والخصال المحمدية، ومنها حفظ الحديث النبوي الشريف وروايته ونقله إلى كبار الصحابة والتابعين وأئمة العلماء. وكانت أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها من المكثرات لرواية الحديث النبوي الشريف والحافظات له، حيث أنها روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستاً وسبعين حديثاً، وأكثر الرواة عن السيدة ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها أبناء أخواتها ولاسيما أعلمهم وأشهرهم عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين. أما السيدة صفية بنت حيي رضي الله عنها فقد روى عنها ابن أخيها رضي الله عنه. كما روت سودة رضي الله عنها خمسة أحاديث، وروى عنها عبد الله بن عباس ويحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زاره الأنصاري. وروى لها أبو داود والنسائي وخرج لها البخاري.
الجزء الثاني