مع أمهات المؤمنين.. دورهن في نقل سنة النبي صلى الله عليه وسلم

مع أمهات المؤمنين.. دورهن في نقل سنة النبي صلى الله عليه وسلم

لقد كان لزوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم دور عظيم في حفظ السنة النبوية ونقلها إلى المسلمين ومن خلال روايتهن للحديث الشريف.  لقد عاشت السيدة عائشة رضي الله عنها لتكون المرجع الأول في الحديث والسنة، والفقيهة الأولى في الإسلام. قال الإمام الزهري: لو جمع علم عائشة، إلى علم جميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وعلم جميع النساء، لكان علم عائشة أفضل. وقال هشام بن عروة عن أبيه: ” ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة”. لقد كان علم السيدة عائشة رضي الله عنها واسعاً غزيراً، فهي ملمة بكل ما تصل بالدين من قرآن وسنة وفقه، وفي ذلك قال الحاكم في المستدرك إن ربع أحكام الشريعة نقلت عنها (أي السيدة عائشة). وقال أبو موسى الأشعري الصحابي الجليل: “ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً قط إلا وجدنا عندها منه علماً”. فقد كان الصحابة يستفتونها في الأمور التي لا يستطيعون اتخاذ الرأي بشأنها، كما كانت تصحح لكبار الصحابة والعلماء الآيات والأحكام والأحاديث وتوضح لهم ما خفي عنهم. ومن أمثلة ذلك: رجوع أبو هريرة رضي الله عنه عما يرويه عن الفضل ابن عباس: أن من أدركه الفجر وهو جنب فلا يصم فلما سألت في ذلك عائشة وأم سلمة قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من غير حلم ثم يصوم” وعندما علم أبو هريرة بذلك قال: هما أعلم ورد ما كان يقول في ذلك. وكانت حجرتها المباركة تعد مدرسة يختلف إليها طلاب العلم والمعرفة الذين وفدوا من مختلف الأقطار لينهلوا من هذا النبع الغزيز من العلم والمعرفة وكانت تحجب عن الطلاب غير المحار، كما كانت لا تفتي إلا بوجود الدليل من الكتاب والسنة. وتعد السيدة عائشة رضي الله عنها من كبار حفاظ السنة النبوية الشريفة وقد وضعها المحققون في المرتبة الخامسة في حفظ الأحاديث وروايتها بعد أبي هريرة وابن عمر وأنس بن مالك وابن عباس رضي الله عنهم، ولكنها تنفرد دونهم بميزة هامة وهي أنها كانت تروي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة ولم تنقلها عن أحد. ولذلك فقد روت أحاديث لم يروها غيرها، بذلك حفظت لنا جزءاً كبيراً من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وسنته في بيته، وكان كبار الحفاظ يذهبون إلى حجرتها حتى يتحققوا من صحة الأحاديث وقوتها، وكانوا إذا اختلفوا في شيء احتكموا إليها وعملوا برأيها. وكان المؤمنات يسألنه صلى الله عليه وسلم عن كل ما يعرض لهن على اختلاف درجاتهن في الحياء حتى كان بعضهن يشكو إليه هجر بعولتهن لهن اشتغالا بالتعبد أو لغير ذلك. وكان لا بد من تعليمهن وإنصافهن من بعولتهن. مثل هذه الأسئلة الخاصة كانت تحرج النبي صلى الله عليه وسلم، فتتولى أمهات المؤمنين شرحها وتبيانها.

الجزء الأول