أصل اللطف في الكلام خفاء المسلك ودقة المذهب، قال القرطبي رحمه الله: واللطف في الفعل الرفق فيه، واللطف من الله تعالى التوفيق والعصمة، وألطفه بكذا أي بره به، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: البر اللطيف، ففسر اسم الله البر بهذا الاسم. كما دل هذا الاسم على اسم الله اللطيف واتصاف الله تعالى بصفة اللطف بالمطابقة، وعلى أحدهما بالتضمن، وهو من أسماء الأفعال، واتصاف الله عز وجل باللطف يدل على معنيين:
الأول: معنى العلم بما يخفى ويدق، فاللطيف العالم بدقائق الأمور، ومن قوله تعالى ” لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ” سورة الأنعام.
الثاني: معنى الرزق بما يخفى، فاللطيف المحسن إلى عباده في خفاء وستر من حيث لا يعلمون، ومن قوله تعالى ” أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ” 63 سورة الحـج ، قال ابن كثير في تفسيره: أي عليم بما في أرجاء الأرض وأقطارها وأجزائها من الحب وإن صغر، ولا يخفى عليه خافية فيوصل إلى كلٍ منه قسطه من الماء فينبته به. قال الخطابي: اللطيف هو البر بعباده الذي يلطف بهم من حيث لا يعلمون ويسبب لهم مصالحهم من حيث لا يحتسبون ، وقال ابن القـيم في شرحه: واسمه اللطيف يتضمن علمه بالأشياء الدقيقة، وإيصاله الرحمة بالطرق الخفية. ويختصّ أولياء الله بلطف خاص يتضمّن أعلى درجات الإحسان والإصلاح؛ وهو أن ييسّرهم لليسرى ويجنّبهم العسرى، وقد يكون ذلك بشيء من الابتلاءات والمحن. واقترن هذا الاسم باسم الله الخبير كثيرًا، ومنه قوله تعالى ” أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ “14 سورة الملك، فيرتبط هذا الاسم بعلم الله تعالى وخبرته، كما اقترن بعلم الله الواسع وحكمته البالغة كما في دعاء يوسف عليه السلام: ” إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ “.