ومن الأسماء الحسنى التي وردَت في كتابه العظيم: الفتاح، وللفتاح معنيان:
الأول: يرجع إلى معنى الحكَم الذي يَفتح بين عباده، ويحكُم بينهم بشرْعِه: بإثابة الطائعين، وعقوبة العاصِين في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ” قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ” سبأ: 26، وقال تعالى: ” رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ” الأعراف: 89، قال ابن كثير: أي: افصل بيننا وبين قومنا، وانصرنا عليهم، ” وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ “؛ أي: خير الحاكمين، فإنك العادل الذي لا يجور أبدًا. فالآية الأولى فتْحُه بين العباد يوم القيامة، وهذا في الدنيا بأن يَنصُر الحقَّ وأهله، ويذلَّ الباطل وأهله، ويوقع بهم العقوبات.
الثاني: فتحُه لعباده جميع أبواب الخيرات والبركات، قال تعالى: ” مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا “فاطر: 2. يفتح لعباده منافع الدنيا والدِّين، فيفتح لمن اختَصَّهم بلطفه وعنايته أقفال القلوب، ويُدر عليها مِن المعارف الربانية، والحقائق الإيمانية ما يُصلح أحوالها، وتستقيم به على الصراط المستقيم، ويفتح لعباده أبواب الرزق وطرق الأسباب، ويهيئ للمتقين مِن الأرزاق وأسبابها ما لا يحتسبون، ويُعطي المتوكِّلين فوق ما يَطلبون ويؤمِّلون، ويُيسِّر لهم الأمور العسيرة، ويفتح لهم الأبواب المغلقة. ومنها فتحه سبحانه لعباده باب التوبة؛ روى مسلم في صحيحه مِن حديث أبي موسى رضي الله عنه؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ الله عز وجل يَبسُط يده بالليل ليتوب مسيءُ النهار، ويَبسُط يده بالنهار ليتوب مُسيءُ الليل، حتى تَطلُع الشمسُ مِن مغربها”. ومنها فتحه سبحانه أبواب السماء لنزول البركات وإجابة الدَّعوات، قال تعالى: ” وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ” الأعراف: 96.