إن مما تمس الحاجة إليه في هذه الأزمان معرفة الله تبارك وتعالى بأنه الرزَّاق، مع أن الحاجة ماسة في كل زمان وأوان لمعرفة أسماء الله الحسنى جميعها، وتدبُّرها كلها في ضوء كتاب الله وسُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم. إن من أسماء الله الحسنى العظيمة الرزاق؛ كما قال الله تبارك وتعالى ” إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ” الذاريات: 58، وقال جل وعلا “وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ” المائدة: 114، وقال جل وعلا “وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ” الحج : 58، والآيات في هذا المعنى كثيرة. والرزاق هو الذي بيده أرزاق العباد وأقواتهم، وهو جل وعلا الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، الذي بيده أَزِمَّة الأمور، ومقاليد السماوات والأرض؛ قال الله تعالى ” وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ” هود : 6.
وقال جل وعلا ” وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ” العنكبوت: 60، وقال جل وعلا ” إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ” الإسراء: 30، وقال جل وعلا ” وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ” البقرة : 212. فالأرزاق كلها بيد الله؛ أقوات العباد، طعامهم، شرابهم، غذاؤهم، جميع أمورهم، كلُّ ذلك بيد الله جل وعلا والواجب على عبد الله المؤمن الذي عرف أن الأرزاق بيد الله تبارك وتعالى ألا يلجأ في شيء إلا إلى الله تبارك وتعالى؛ سواء منها الرزق العام أم الرزق الخاص الذي خصَّ به عباده المؤمنين، وهو رزق الإيمان والهداية إلى الطاعة، والتثبيت على التوحيد والحفظ الوقاية والتسديد، وغير ذلك من الأرزاق التي خص بها عباده المؤمنين وأولياءه المتقين.