روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: “لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ” قال ابن جرير: حليم ذو أناة لا يعجل على عباده بعقوبتهم على ذنوبهم، وقال الخطابي: هو ذو الصفح، والأناة الذي لا يستفزه غضب، ولا يستخفه جهل جاهل، ولا عصيان عاص. ولا يستحق الصافح مع العجز اسم الحلم، إنما الحليم هو الصفوح مع القدرة والمتأني الذي لا يعاجل بالعقوبة، قال ابن كثير: “حَلِيمٌ غَفُورٌ” أن يرى عباده وهم يكفرون به ويعصونه، وهو يحلم فيؤخر ويُنْظِر ويؤجِّل ولا يعجل، ويستر آخرين ويغفر. ومن آثار الإيمان بهذا الاسم العظيم:
أولًا: إثبات صفة الحلم لله عز وجل وهي الصفح عن العصاة من العباد وتأجيل عقوبتهم لعلهم يتوبوا ويرجعوا.
ثانيًا: سؤال المؤمن ربه بهذه الصفة العظيمة الحلم فيقول: يا حليم اعف عني، واصفح واستر.
ثالثًا: حلم الله سبحانه على عباده وتركه المعاجلة لهم بالعقوبة.
وإن سألت عن حلمه، فهو الحليم الذي قد كمل في حلمه، فله الحلم الكامل الذي وسع السماوات والأرض. وسع حلمه أهل الكفر والفسوق والعصيان، حيث أمهلهم ولم يعاجلهم بالعقوبة، بل يعافيهم ويمهلهم ليتوبوا فيتوب عليهم، إنه هو التواب الرحيم. وهو يتحبب إليهم بالنعم مع كمال غناه، ولو شاء لأخذهم بذنوبهم فور صدورها منهم، ولكن حلمه سبحانه هو الذي اقتضى إمهالهم. قال جل جلاله: ” وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا ” فاطر: 45.