قال الله تعالى: ” هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ” آل عمران: 6. قال الحَليمي في معنى الحكيم: “الذي لا يقول ولا يفعل إلا الصواب، وإنما ينبغي أن يوصف بذلك؛ لأن أفعاله سديدة، وصنعه متقن، ولا يظهر الفعل المتقن السديد إلا من حكيم”. وقال ابن كثير: “الحَكِيمُ فِي أفعاله وأقواله، فيضع الأشياء فِي مَحَالِّهَا بحكمته وعدله”؛ ومن حكمته أنه أحكم آيات القرآن الكريم؛ كما قال تعالى: ” يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ” يس: 1، 2؛ أي: المحكَم في نَظْمِه وأسلوبه، وعقائده وأحكامه، فليس فيه تعارض ولا تناقض، ولا نقص ولا عيب؛ لأنه منزل من الحكيم العليم. فينبغي للمسلم إذا عرف ربه باسميه الحكيم والحَكَم أن يوقن بأن كل ما في الكون على وفْق حكمته سبحانه وتعالى، وأنه ما من شيء إلا وقد أحكمه الله وأتقن صنعه، وأنه لم يخلق الكون عبثًا، فلا تخلو أفعاله من حِكْمة، سواء ظهرت للإنسان أم خفيت. كما يقتضي هذان الاسمان وجوب التحاكم إلى الله تعالى؛ لأن حُكْمَه هو الحق والعدل؛ قال تعالى: “وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ” الشورى: 10، وقد حذَّر الله تعالى من ترك التحاكم بما أنزل الله؛ فقال: ” وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ” المائدة: 44، وقال: ” وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ” المائدة: 45، وقال: ” وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ” المائدة: 47.