شراسة في المواجهة وبسالة في القتال

معركة جبل بوكحيل.. وقائع بطولية لملحمة تاريخية

معركة جبل بوكحيل.. وقائع بطولية لملحمة تاريخية

تُعد معركة جبل بوكحيل التي دارت رحاها سنة 1961 ملحمة تاريخية خالدة سجلها التاريخ إلى جانب المعارك الأخرى بالولاية التاريخية السادسة، التي ساهمت في دحر محاولات المستعمر وسعيه إلى فصل جنوب الجزائر عن شمالها وتشتيت وحدة صفوف ثوار جبهة التحرير الوطني.

وفي مذكراته، وصف المجاهد مختار مخلط، الذي كان ملازما في جيش التحرير الوطني، توفي سنة 2022، هذه المعركة التي تسمى أيضا معركة 48 ساعة بـ “المحطة البارزة” و”معلم من معالم الثورة التحريرية”.

وجاء في المذكرات أن في معركة 48 ساعة أبهر جيش التحرير بقيادة محمد شعباني، جنرالات فرنسا الاستعمارية، وخيب آمالهم في القضاء على الثورة وقادتها بالولاية السادسة، وتبخرت أحلام الجنرال ديغول، في القضاء على جيش جبهة التحرير المقاوم في جنوب الجزائر وكسب قضية فصل الصحراء في المفاوضات الجارية على الأراضي الفرنسية والسويسرية.

وانطلقت المعركة بالسفوح الجنوبية الشرقية لجبل بوكحيل، بعد اكتشاف قوات الاستعمار اجتماع لقيادات الولاية السادسة برئاسة العقيد محمد شعباني، قائد الولاية، حضره عدد من الضباط بالمنطقة، وفاق عدد المجاهدين المجتمعين الـ 400.

وحسب مذكرات المجاهد مخلط، التي جمعها أستاذ التعليم العالي بجامعة الجلفة، أمحمد قرود، كانت طائرات العدو الكاشفة تراقب المنطقة باستمرار لأجل ترقب تحركات مجاهدي جيش التحرير، الذين شكلوا عقبة أمام طموحه البائس للاحتفاظ بالصحراء وبترولها.

وفي معركة المجابهة، واجه أبطال جبل بوكحيل، أكبر قوة استعمارية مدعمة بالحلف الأطلسي وفي أرض جرداء، وانتصروا عليها، وكان جيش جبهة التحرير الوطني بالمنطقة، الحامي للقضية الجزائرية في قتاله من أجل أن تبقى منطقة الصحراء جزء لا يتجزأ من أرض الجزائر، كما جاء في نص المذكرات.

وفي سرد وقائع هذه المعركة، ذكر المؤرخون أن اليوم الأول للمعركة كان في الـ 17 سبتمبر 1961 بعد ملاحظة دورية حراسة اجتماع مجاهدي الثورة في حوالي منتصف الليل، توجهت القوافل العسكرية الفرنسية نحو موقع مركز جيش التحرير بالكرمة بـ “جبل بوكحيل”.

وبعد أن طوق العدو الموقع، نشبت المعركة على الساعة 7 صباحا، استعمل فيها العدو طائراته الاستكشافية، ثم نحو 40 طائرة مقنبلة وقاذفة لقصف مواقع المجاهدين لعدة ساعات بالقذائف والنابالم، قبل شروع 12 ألف جندي فرنسي في التقدم نحو موقع المجاهدين، الذين واجهوهم بطلقات الرصاص.

وقدرت خسائر المستعمر الفرنسي في اليوم الأول من المعركة بـ 400 قتيل، حسب الرواية الفرنسية، ونفس الحصيلة أوردتها أيضا إذاعة “صوت العرب” من القاهرة.

وفي اليوم الموالي، حشد العدو قوات أضخم قدرت بنحو 14 ألف عسكري مستعملا كل أنواع القنابل والطائرات واستشهد سبعة من مجاهدي جيش التحرير الوطني، في الوقت الذي تكبد العدو 300 قتيل في صفوفه.