وقعت بعد سلسلة عمليات للثوار

معركة “جبل القادوس”.. إثبات لدهاء المجاهدين وشجاعتهم

معركة “جبل القادوس”.. إثبات لدهاء المجاهدين وشجاعتهم

عمد جيش التحرير الوطني، منذ انطلاق الثورة، إلى التمركز في جبل القادوس بمدينة تلمسان، وأقام مراكز عبر أطرافه للانطلاق منها إلى الجهات المجاورة، ومن أهم هذه المراكز مركز “دار عبد القادر بن يوسف” وكانت المنطقة أيام الثورة التحريرية تابعة للولاية الخامسة.

وقد كانت الوحدة مشكلة من فوجين تعدادهم بين 22 و30 مجاهدا يتولى قيادتهم المجاهد “شواري بومدين” وبمساعدة المجاهد “ميلودي” المدعو “التونسي”. وكانت بحوزة الفوجين قطعة جماعية من نوع 24/29 وبنادق فردية آلية من أصناف مختلفة.

فيما كانت قوات العدو مشكلة من وحدات للقوات البرية تدعمها طائرات حربية ذات المهام المتعددة وأرتال من المدرعات والعربات العسكرية تم تجميعها من المراكز العسكرية المنتشرة عبر المنطقة.

ومن أسباب وقوع معركة جبل القادوس، العمليات العسكرية للثوار عبر كامل الناحية، منها عملية قطع أسلاك الهاتف، تخريب الطرقات، الهجمات المتكررة على مراكز العدو العسكرية “بمنصورة”، والمركز المتواجد بمزرعة أحد المعمرين، وبعد هذه العمليات تحركت قوة جيش التحرير الوطني جنوبا وتمركزت بجبل قادوس للاستراحة وضبط أمورها، ويبدو أن العدو كان يرصد تحركات الثوار ويستعد لمهاجمتهم بعد انتشار أخبار عملهم العسكري عبر كامل المنطقة، مما أثر سلبا على معنويات جنوده وخاصة المعمرين الذين سلبوا الأراضي الفلاحية الخصبة، وهذه هي الأسباب التي أدت إلى نشوب هذه المعركة.

وفي صباح يوم 24/11/1956 رصدت الحراسة تحركات للعدو في نقاط عدة من المناطق المحيطة بالمركز، تبين بأن جيش الاحتلال يتوجه نحو الجبل من مسالك مختلفة، الأمر الذي يستدعي الحيطة وأخذ التدابير اللازمة قبل تطور الوضع ويصبح صعبا.

فور إعلام هذه الأخيرة بالمستجدات والأوضاع على الساحة أسرعت في إعادة انتشار قوتها والتمويه بالموانع الطبيعية حسب المنطقة استعدادا للقتال الذي أصبح أكيدا بعد ظهور طائرات الاستكشاف في سماء المنطقة بحثا عن المجاهدين وتحديد مواقعهم، وبعد عدة طلعات لم يتمكن العدو من تحديد مواقع المجاهدين وبطريقة مفاجئة بدأ جيش التحرير القتال.

يبدو أن التحصينات الطبيعية كانت لصالح جيش التحرير الوطني مما أدى إلى إرباك خطط العدو، الأمر الذي أدى إلى تراجع العدو إلى الخلف والانسحاب بعدما ترك خلفه عددا من القتلى والجرحى من جنوده، ونتيجة لخبرة وتجربة عناصر جيش التحرير الوطني غيرت القيادة الأسلوب، فأقرت الالتحام بالعدو لتجنب القصف المدفعي والقنابل الجوية. وبعد انسحاب العدو من المعركة أعاد تنظيم صفوفه وحاصر المنطقة حصارا محكما وأغلق كل المنافذ المؤدية من وإلى الجبل وهذا ما أحرج عناصر جيش التحرير، بعد الصمود والإرادة، لم تتمكن الخروج من الحصار المحكم، خاصة وأن مسالك الانسحاب كانت عارية مما ساعد العدو في رصد الجنود وألحق بهم إصابات مميتة وبعد هجمات متفرقة أكد من خلالها جنود جيش التحرير صمودهم في مواجهة قوات العدو وبقي القتال على هذه الوتيرة حتى حلول الليل، الأمر الذي فسح المجال للثوار للانسحاب باتجاه الجنوب.

ومن خسائر هذه المعركة استشهاد 14 جنديا من صفوف جيش التحرير الوطني، أما صفوف العدو فقد أصيبت بخسائر هامة، وظروف الحرب حالت دون معرفة عدد القتلى والجرحى، غير أن عدد الطلعات التي قامت بها العموديات في اليوم الموالي للمعركة أكد على أن عدد القتلى كبير.

Aucune description de photo disponible.Aucune description de photo disponible.Aucune description de photo disponible.