وقعت معركة “الخطيفة”، في الثالث أكتوبر 1956 بمنطقة الغيشة بالأغواط، وهي تُعد من أبرز المحطات في مسار ثورة التحرير، وأكد المؤرخون أن هذه المعركة شكلت حدثا حاسما ونقطة تحول أظهرت قدرة جيش التحرير الوطني على المبادرة وضرب العدو في عمقه، فما وقع لم يكن حدثا معزولا أو مجرد اشتباك عابر، بل كان علامة فارقة جسدت القوة التنظيمية للمجاهدين.
وقال المؤرخون إن عنصر المفاجأة ودقة التحرك هما سر نجاح العملية، حيث كانت هناك ثلاث كتائب لجيش التحرير الوطني كانت متمركزة بجبال بوقرقور، بقيادة المجاهد الراحل مولاي عبد الله، وكل كتيبة تضم ما بين 80 و120 مجاهدا، وأوكلت إلى تلك الكتائب، مهام جريئة من بينها استهداف ورشة لبناء مركز عسكري فرنسي في تاويالة، إضافة إلى محاولة تحرير مئات السجناء السياسيين من آفلو.
وخلال تحرك إحدى هذه الكتائب بقيادة لعماري مقران، وقع الاختيار على ستين شابا للانطلاق، لكن توقفهم بجبل الخطيفة غيّر المسار، إذ تصادف مرور قافلة عسكرية فرنسية تضم أربع شاحنات وسيارة جيب، حيث كان الجنود في مهمة تفتيش ضد الأهالي، وسرعان ما تحول المشهد إلى مواجهة ضارية بعد أن قرر المجاهدون الهجوم الفوري ردا على قسوة المستعمر في معاملته للمدنيين.
وحسب بعض المصادر التاريخية، فقد اندلعت المعركة بعد الرابعة مساء، واستمرت لساعتين كاملتين، حيث كانت النتيجة ثقيلة على جيش المستعمر الفرنسي، وتمثلت في 45 قتيلا وخمسة أسرى، إضافة إلى تدمير أربع شاحنات، والاستيلاء على أسلحة وأجهزة اتصال، فيما سقط شهيد وأصيب آخر بجروح.
ولم تنته المعركة عند هذا الحد، إذ تلتها في اليوم التالي مواجهة أوسع في منطقة الشوابير شمال غرب جبال القعدة، وكانت تأكيدا على الرسالة التي حملتها معركة الخطيفة، وأوضحت أن إرادة التحرر قادرة على قلب موازين القوى مهما كان العدو مسلحا.