يعرض قصر الثقافة مفدي زكرياء بالجزائر العاصمة، ابتداء من الاثنين، مجموعة من الأعمال الحرفية والفنية أبدعتها أنامل حرفيون وحرفيات جمعوا بين أصالة الحرف التقليدية وجماليات الفنون الجميلة في تظاهرة موسومة بالتراث المادي، في حضرة الموروث الثقافي الشعبي.
تضمن هذا المعرض الذي تنظمه مديرية تطوير الفنون وترقيتها بوزارة الثقافة والفنون، مجموعة من المنتجات الحرفية التقليدية ذات الصلة بالتراث غير المادي من حرف يدوية وصناعات فخارية وأزياء وحلي تقليدية وأيضا نماذج من العرائس بأزياء ترمز إلى تنوع اللباس التقليدي لمختلف مناطق الجزائر .
تهدف هذه الفعالية الثقافية التي تقام في إطار الاحتفالات بالذكرى الـ59 لعيد الاستقلال الى الإسهام في إحياء الذاكرة والتاريخ عن طريق إبراز التراث الجزائري العريق و المتنوع الذي يشهد على أصالة المنتوج وحرفية الصانع .
تشهد مختلف المعروضات لاسيما التراثية التي تعود إلى سنوات خلت على صمود الحرفيين والفنانين الجزائريين أمام محاولات المستعمر لطمس الهوية الوطنية .
كما تؤكد معروضات هذه التظاهرة التي تتواصل لغاية اليوم 7 جويلية الجاري مقاومة هذا الموروث بصفته جزء من الهوية الوطنية للغزاة، حيث حافظ الجزائريون في كل مناطق الوطن على خصوصياتهم في حياتهم اليومية من خلال اللباس والمأكل و المسكن .
وفي هذا المعرض الذي جمع قرابة الـ 40 عارضا وعارضة، يجد الزائر نماذج من اللباس التقليدي الأصيل مثل الشاوي والعاصمي والقبائلي والصحراوي مع قطع فنية تحمل بصمات خاصة وعصرية لمصمميها، ويطلع الزوار في هذا المحفل على آخر ما عرفته هذه الحرف التي طرأ عليها الكثير من الإضافات التي تساير تطور الموضة .
وكان اقبال كبير على مواد التجميل من صابون تقليدي التي تعتمد على المواد الطبيعية المحلية، كما عرضت نماذج من المواد الغذائية أو مشتقاتها مثل مختلف أنواع الزيوت و الخل والمربى .
عرضت أيضا نماذج من الأواني الخزفية والفخار التي عرفت بدورها لمسات فنية عصرية مع الحفاظ على المواد الطبيعية التي تصنع منها إلى جانب الحلي المصنوعة من الفضة ومواد أخرى .
وجمعت بعض العارضات بين الحرف والفن التشكيلي على غرار الفنانة ليلى بوسعيود التي عرضت مجموعة من الأدوات الخاصة بالديكور الداخلي والأواني بأسلوب فني جديد، إلى جانب لوحات فنية متميزة .
وتوجد بين المعروضات تحف وأدوات تزيين مصنوعة من المواد المعاد تدويرها، كما تستوقف المتجول في هذا البهو معروضات شاب في مقتبل العمر جاء من منطقة المدية يعرض مجموعة من الزرابي والمفروشات التي هي ملك لجدته، وتتميز بطريقة نسجها والصوف المستعملة وكذا أشكالها، حيث نجد فيها رسومات بارزة كأنها منحوتة .
يسعى هذا الشاب المدعو محمد شفيع خليل إلى الحفاظ على هذه الصنعة، كما قال، إلى جانب قيامه بأشغال الطرز والفتلة التي عرضها من خلال نماذج من الدمى التي ألبسها الكراكو والجبة القسنطينية والقبائلية. وقد أعطى الفنان لهذا اللباس لمسة عصرية خاصة من ناحية التفصيل والشكل .
وقد أجمع العارضون على ضرورة الحفاظ على هذه الحرف والصناعات التقليدية لتسليم المشعل للشباب، وأعربوا من جهة أخرى عن الصعوبات والمشاكل التي تعترض عملهم في مقدمتها نقص وغلاء المواد الأولية خاصة في ظل الأوضاع التي نتجت عن انتشار فيروس كورونا .
كما عبر آخرون عن رغبتهم في تكوين الشباب وتعليمهم أصول هذه الحرف إذا توفرت الظروف الملائمة في مقدمتها الفضاءات .